بحـث
مواضيع مماثلة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 97 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 97 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 4:07 pm
التسجيل السريع
// Visit our site at http://java.bdr130.net/ for more code
12>النثر العربي وتطوره عبر العصور
Oued Taga - وادي الطاقة :: منتدى التعليم الثانوي :: منتدى السنة اولى ثانوي 1AS :: المواد الأدبية و اللغات
صفحة 1 من اصل 1
النثر العربي وتطوره عبر العصور
تطور النثر العربي
النثر لغة:
يقول صاحب اللسان: «النثر نَثرُكَ الشيءَ بيدك ترمي به متفرقا مثل نثر الجوز واللوز والسکر وکذلك نثر الحبّ إذا بُذر». [1] فالمعني اللغوي يعني الشيء المبعثر (المتفرق) الذي لايقوم علي أساس في تفرقه وبعثرته، أي: لا يقوم علي أساس من حيث الکيف والکم والاتساع.
النثر اصطلاحاً:
هو الکلام الذي ليس فيه الوزن ويعتمد علي الحقائق. بتعبير آخر: النثر هو کلام المقفي بالأسجاع.
النثر أدب إنساني، «وهو علي ضربين: أما الضرب الأول فهو النثر العادي الذي يقال في لغة التخاطب، وليست لهذا الضرب قيمة أدبية إلا ما يجري فيه أحيانا من أمثال وحکم، وأما الضرب الثاني فهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه إلي لغة فيها فن ومهارة وبلاغة، وهذا الضرب هو الذي يعني النقاد في اللغات المختلفة ببحثه ودرسه وبيان ما مر به من أحداث وأطوار، ومايمتاز به في کل طور من صفات وخصائص، وهو يتفرع إلي جدولين کبيرين، هما الخطابة والکتابة الفنية ـ ويسميها بعض الباحثين باسم النثر الفني ـ وهي تشمل القصص المکتوب کما تشمل الرسائل الأدبية المحبرة، وقد تتسع فتشمل الکتابة التاريخية المنمقة». [2]
نشأة النثر الفني:
يجد الباحث عنتا کبيرا حينما يحاول تحديد الوقت الذي نشأ فيه النثر الفني في اللغة العربية. إذ أن الباحثين الذين تصدوا لدراسة الأدب الجاهلي قد اضطربوا في تقدير الوجود الأدبي لعرب الجاهلية وبخاصة فيها يتعلق بالنثر، ولم يستطيعوا علي الرغم من جهودهم ودراساتهم أن يصلوا في ذلك الموضوع إلي نتيجة ثابتة أو رأي موحد يمکن الاطمئنان إليه.أما هذه الآثار النثرية المختلفة التي تنسب إلي الجاهليين، فيکاد مؤرخو الأدب يتفقون علي عدم صحة شيء منها، والسبب في عدم الثقة بهذه النصوص هو أن وسائل التدوين لم تکن ميسرة في العصر الجاهلي.
الآراء حول نشأة النثر الفني في العصر الجاهلي:
يؤکد الدکتور زکي مبارك أنه قد کان للعرب في الجاهلية نثر فني له خصائصه وقيمته الأدبية، وأن الجاهليين لابد وأن يکونوا قد بلغوا في ذلك المضمار شأوا بعيدا لايقل عما وصل إليه الفرس واليونان في ذلك الوقت، بل أنهم في إنتاجهم الأدبي في النثر لم يکونوا متأثرين تأثراً کبيرا بدولة أخري مجاورة أو غير مجاورة، وإنما کانت لهم في کثير من الأحيان أصالتهم وذاتيتهم واستقلالهم الأدبي الذي تقتضيه بيئتهم المستقلة، وحياتهم التي کانت أقرب إلي الانعزال. وإذا کانت الظروف المختلفة لم تساعد علي بقاء هذا التراث من النثر الجاهلي، فليس معني ذلك أن نهدره ونحکم بعدم وجوده، وإنما يجب أن نلتمسه في مصادر أخري. ونحن إن فعلنا هذا فسوف نجد بين أيدينا حجة لاتنکر، ودليلا لا يجحد علي أن ثمة نثرا جاهليا، ألا وهو القرآن الکريم. فإذا کنا نؤمن بأن هذا القرآن قد نزل لهداية هؤلاء الجاهليين، وإرشادهم، وتنظيم حياتهم في نواحيها المختلفة من دينية، وأخلاقية، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية، وأنه کان يخاطبهم وهم بطبيعة الحال لايخاطبون إلا بأسلوب الذي يفهمونه ويتذوقونه، وأنه کان يتحداهم في محاکاته، والإتيان بسورة من مثله ولا يسوغ في العقل أن يکون هذا التحدي إلا لقوم قد بلغوا درجة ما من بلاغة القول، وفصاحة اللسان تجعلهم أهلا لهذا التحدي حتي يصدق معناه، إذا کان هذا کله، وأن القرآن الکريم قد نزل بلغة العرب وعلي لسان واحد منهم ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم﴾ تأکد لنا أن العرب الجاهليين قد عرفوا النثر الفني، وأن القرآن يمکن أن يعطينا صورة ـ ولو تقريبية ـ عن شکل هذا النثر، ومنهجه، وحالته التي کان عليها. [3] وکذلك يعتقد الدکتور محمد عبدالمنعم خفاجي بوجود النثر الفني في الجاهلية. [4]
ويري الدکتور طه حسين بأن النشر الفني بمعني أنه تعبير جميل رصين محکم يستدعي الرؤية والتفکير والإعداد، لايتصور أن يکون موجودا في العصر الجاهلي؛ إذ أن هذا اللون من النثر إنما يلائم نوعا من الحياة لم يکن قد تهيأ للعرب إذ ذاك. فهذه الحياة الأولية الفطرية السهلة التي کان يحياها العرب قبل الإسلام لم تکن تسمح بقيام هذا اللون من الکتابة الفنية التي تستدعي بطبيعتها الرؤية، والتفکير، ووجود جماعة إنسانية منظمة تسودها أوضاع سياسية واجتماعية معقدة. وهذا النثر المنسوب إلي الجاهليين ليس إلا شيئا منحولا مدسوسا عليهم. حيث إنه علي هذا النحو الذي روي به لايکاد يمثل الحياة الجاهلية تمثيلا کاملا. فهذه الخطب، والوصايا، والسجع، والکلام الذي ينسب لقس بن ساعدة، وأکثم بن صيفي، وغيرهما يکفي أن ننظر إليه نظرة واحدة لنرده بأجمعه إلي العصور الإسلامية التي انتحلت فيها کل هذه الأشياء؛ لنفس الأسباب التي انتحل الشعر من أجلها وأضيف إلي الجاهليين. [5] ويتحدث شوقي ضيف عن نشأة النثر الفني في الأدب العربي بقوله «نحن لانغلو هذا الغلو الذي جعل بعض المعاصرين يذهب إلي أن العرب عرفوا الکتابة الفنية أو النثر الفني منذ العصر الجاهلي، فما تحت أيدينا من وثائق ونصوص حسية لا يؤيد ذلك إلا إذا اعتمدنا علي الفرض والظن، والحق أن ما تحت أيدينا من النصوص الوثيقة يجعلنا نقف في مرحلة وسطي بين الرأيين، فلا نتأخر بنشأة الکتابة الفنية عند العرب إلي العصر الجاهلي، بل نضعها في مکانها الصحيح الذي تؤيده المستندات والوثائق، وهو العصر الإسلامي». [6]
النثر في العصر الإسلامي:
النثر الفني في عهد النبوة، لم يکد يختلف اختلافا جوهريا عن النثر الجاهلي. «دخل النثر العربي في طور جديد بظهور الإسلام، بعد أن تعرضت الحياة الأدبية لانقلاب شامل وتطور بعيد المدي. ولم يکن ثمة بد من أن يتأثر الأدب بالحياة الجديدة وأن يکون صدي لأحداثها واتجاهاتها. وکانت مظاهر التطور في النثر أوضح منها في الشعر، لأن الشعر فن تقليدي يترسم فيه الشاعر خطا سابقيه، ويلتزم أصولا محددة، ولذلك يکون أبطأ من النثر استجابة لدواعي التطور». [7] أما أغراض النثر ومعانيه، فإنها بلا شك قد تغيرت تغيرا محسوسا بظهور الإسلام، و «تلوّن النثر في هذا العهد بجميع ألوان الحياة الجديدة فکان خطابة، وکتابة، ورسائل وعهودا، وقصصا، ومناظرات، وتوقيعات، وکان علي کل حال أدبا مطبوعا. وامتاز النثر في هذا العهد بالإيجاز علي سنة الطبيعة العربية الأصيلة». [8]
النثر في العصر الأموي:
کانت الکتابة ضرورة إدارية ملحة لا غني عنها في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، في المکاتبات والدواوين المختلفة. کما کانت ضرورة اجتماعية لا غني عنها في المعاملات. وکانت کذلك ضرورة علمية لا غني عنها في الحرکة العلمية التي ازدهرت في العصر الأموي وتعاظمت في أواخره. ونتيجة لذلك کله توسع انتشار الخط واستعمال الکتابة، إبان ذلك العصر، توسعا عظيما، نظراً لإقبال الناس علي طلبه.
يقول الدکتور شوقي ضيف: «أن الکتابة نمت في العصر الأموي نموا واسعا، فقد عرف العرب فکرة الکتاب وأنه صحف يجمع بعضها إلي بعض في موضوع من الموضوعات، وقد ألفوا فعلا کتبا کثيرة». [9] وقد کانت لمن يعرف الکتابة مکانة رفيعة عند الناس، إذ کانوا يعرفون له قدرة، وکان سعيد بن العاص يردد دائماً قوله: «من لم يکتب فيمينه يسري». [10]
لعل من أهم الأسباب التي هيأت لرقي الکتابة الفنية في هذا العصر تعريب الدواوين في البلاد المختلفة. [11]، وتعقد الحياة السياسية، وکثرة الأحزاب والمذاهب. [12]
«وقد تجلت بواکير الکتابة في أواخر العصر الأموي بفضل موهبة عبدالحميد بن يحيي الکاتب». [13] ولقد أجمع النقاد والمؤرخون في القديم والحديث علي أن عبدالحميد إمام طور جديد في الکتابة العربية، وأنه هو الذي وضع الأساس لهذا المنهج الکتابي الذي اقتفاه الکتاب من بعده، وهو «أبلغ کتاب الدواوين في العصر الأموي وأشهرهم، وقد ضربت ببلاغته الأمثال». [14]، و«کان عبدالحميد أول من فتق أکمام البلاغة وسهل طرقها وفك رقاب الشعر». [15] وقال ابن النديم: «عنه أخذ المترسلون ولطريقته لزموا، وهو الذي سهل سبيل البلاغة في الترسل». [16] إذن لقد تواترت آراء المؤرخين والأدباء منذ القرن الثالث الهجري علي أن الرجل ذو مکانة ملحوظة في تاريخ النثر العربي، وأنه ذو أثر عميق في تطور الکتابة الفنية، وأنه قد سن طريقة جديدة سار علي نهجها من جاء بعده من الکتاب.
النثر في العصر العباسي:
زخر العصر العباسي بالأحداث التاريخية، والتقلبات السياسية، کما زخر بالتطورات الاجتماعية التي نقلت العرب من حال إلي حال، وقد کان لکل هذا، فضلا عن نضج العقول بالثقافة، أثر واضح في تطوير الأدب بعامة، والکتابة بصفة خاصة. لقد تقدمت الکتابة الفنية في هذا العصر تقدما محسوسا؛ وسارت شوطا بعيدا في سبيل القوة والعمق والاتساع.
و«أصبح النثر العربي في العصر العباسي متعدد الفروع، فهناك النثر العلمي والنثر الفلسفي والنثر التاريخي، والنثر الأدبي الخالص، وکان في بعض صوره امتدادا للقديم؛ وکان في بعضها الآخر مبتکرا لا عهد للعرب به». [17] وکان تشجيع الخلفاء والوزراء والرؤساء للأدب وللکتاب باعثا علي النهوض بالکتابة، داعيا إلي ارتفاع شأنها، وسمو منزلتها، ثم کان التنافس القوي بين الأدباء وتسابقهم إلي خدمة الخلفاء والرؤساء حافزا علي تجويدها والتأنق في أساليبها. [18] «إن الکتابة کانت جواز عبور إلي الوزارة وبعض الوظائف المرموقة في مرافق الدولة لذلك کان علي الراغبين في الوصول إلي هذه المناصب العليا إتقان صناعة الکتابة حتي يحققوا أهدافهم التي کانوا يطمحون إليها». [19]
والأغراض التي عبر عنها النثر الفني في هذا العصر قد اختلفت و«بعد أن کان النثر الأموي خطابته وکتابته منصرفا بوجه عام إلي أغراض سياسية وحزبية، ولم يتجه إلي الأغراض الأخري إلا في صورة ضئيلة، فانه في العصر العباسي قد اتجه إلي کثير من الأغراض والموضوعات الشخصية والاجتماعية والانسانية؛ کالمدح والهجاء والرثاء والاعتذار والتهنئة والتعزية والاستعطاف، والوصف والنسيب والفکاهة والنصح». [20] ونستطيع القول بأن النثر خطا خطوة واسعة؛ فهو لم يتطور من حيث موضوعاته وأغراضه فقط؛ بل إن معانيه قد اتسعت وأفکاره قد عمقت، وأخيلته قد شحذت؛ لأن مشاهد الحياة ومقوماتها العامة قد تغيرت.
مظاهر نهضة النثر في العصر العباسي:
1ـ تنوع فنونه وأغراضه: فقد تناول کل مجالات الحياة واستخدمته الدولة في الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية.
2ـ وصول الکتاب إلي المناصب الوزارية.
3ـ أنه أصبح وعاء لثقافات جديدة، کانت نتيجة لامتزاج الفکر العربي بأفکار الأمم الأخري.
4ـ رقي الأفکار وعمق المعاني.
5ـ التفنن في أساليبه وظهور مدارس متنوعة. [21]
أسباب نهضة النثر في العصر العباسي:
استقرار الأمور في الدولة واتساع العمران، وما يتبع ذلك من رخاء.
النضج العقلي وظهور آثار التقدم الفکري في الدولة.
ظهور أجيال جديدة من المثقفين من أبناء الأمم المستعربة الذين جمعوا إلي الثقافة العربية الأصيلة فنونا جديدة من ثقافات آبائهم الفرس، الهنود و اليونان.
تشجيع الخلفاء والأمراء للکتاب وإغداق الأموال عليهم.
وصول الکتاب إلي المناصب الکبيرة جعل الکتابة مطمح کل راغب في الجاه والسلطان.
التنافس بين الکتاب في سبيل الإجادة الفنية.
کثرة المذاهب الکلامية وحاجة کل مذهب إلي التأييد وشرح مبادئه. [22]
النثر الحديث:
«في النصف الأول من القرن التاسع عشر، کان النثر في هذه الفترة رکيك الأسلوب يعتمد علي المحسنات البديعية، مسيطرا عليه طريقة القاضي الفاضل علي أساليب کتاب عصره و نهج نهجه، فبدت علي أساليب هؤلاء مظاهر التکلف فأسرفوا في المحاکاة وأوغلوا في الصنعة، وتعمد تصيد الألفاظ والأساليب ذات البريق واللمعان». [23]
في بدايات النثر الأدبي الحديث «کانت القرائح حبيسة الأغراض الضيقة والمعاني التافهة، وقلّما کانت تتجاوز الرسائل الاخوانية، من تهنئة بمولود، أو تعزية بفقيد، أو معاتبة لصديق، وقلّما تعدي موضوع النثر هذه الحدود الضيقة ليلامس اهتمام الناس ويعالج شؤون المجتمع». [24] «انطلق الفکر الحديث ناشطا و راح يرود آفاقا أرحب تتصل بالواقع وبالمجتمع، نتيجة انتشار أنوار النهضة في أرجاء المشرق العربي. وبدأت الأساليب تتحرر في بعض جوانبها من قيود التصنع اللفظي. غير أن فئة من الناثرين ظلت علي تعلقها بالعبارات المنمقة، وراحت تجد فيها نمطا أدبيا متميزا لا يحسن التفريط به. ومن هذا المنطلق ساغ للشيخ ناصيف اليازجي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر فن المقامات؛ فدأب علي إحيائه، وجهد في النسج علي منواله… وفي الوقت نفسه کان ثمة ناثرون رواد ومؤلفون کبار أخذوا يراوحون بين النثر المقيد والنثر المرسل، ترفدهم في الحالين موهبة فذة، وفي مقدمة هؤلاء أحمد فارس الشدياق، أحد أرکان النهضة الفکرية، ورائد الصحافة الأدبية». [25]
ويمکن القول بأن اتصال الشرق العربي بالغرب ظل قاصرا في أول الأمر علي النواحي العلمية والفنية التطبيقية. أما النواحي الأدبية فظل فيها الاتصال معدوما. وطبيعي ألا تنهض اللغة وتظل علي عهودها السابقة جامدة راکدة مثقلة بالسجع والمحسنات البديعية». [26] واشتد احتکاك الشرق العربي بالغرب في منتصف القرن التاسع عشر و «أرسلت طائفة من الشباب المصري إلي أوربا وعلي رأسها رفاعة الطهطاوي «الذي تعلم في الأزهر وتخرج فيه، و رافق البعثة الکبري الأولي لمحمد علي إماما لها. ولم يکتف بعمله، بل أقبل علي تعلم اللغة الفرنسية، حتي أتقنها. وفي أثناء إقامته بباريس أخذ يصف الحياة الفرنسية من جميع نواحيها المادية والاجتماعية والسياسية في کتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز». وعاد إلي مصر فاشتغل بالترجمة وعيِّن مديرا لمدرسة الألسن، وأخذ يترجم مع تلاميذه آثارا مختلفة من اللغة الفرنسية. وکان ذلك بدء النهضة الأدبية المصرية، ولکنه کان بدعا مضطربا، فإن رفاعة وتلاميذه لم يتحرروا من السجع والبديع، بل ظلوا يکتبون بهما المعاني الأدبية الأوربية. ومن الغريب أنهم کانوا يقرءونها في لغة سهلة يسيرة، ثم ينقلونها إلي هذه اللغة الصعبة العسيرة المملوءة بضروب التکلف الشديد، فتصبح شيئا مبهما لايکاد يفهم إلا بمشقة». [27]
«هناك ظاهرة جديرة بالتسجيل تتعلق بالأدب في تلك الحقبة، وهي الالتفات من بعض الکتاب إلي موضوع الوطن والوطنية، بالمفهوم الحديث تقريبا؛ فقد کان الوطن من قبل ذائبا في جملة العالم الإسلامي أو دولة الخلافة، وليس له دلالة خاصة، وبالتالي ليس هناك کتابات تدور حوله وتتغني به. أما الآن ومع کتابات رفاعة الطهطاوي بصفة خاصة، فنحن نجد فکرة الوطن تبرز، والتغني به يبدأ، حتي ليمکن أن يعتبر ما کان من ذلك حجر الأساس في الأدب المصري القومي في العصر الحديث. وهکذا نري أن رفاعة الطهطاوي يعتبر واضع بذور التجديد في الأدب المصري الحديث، فأدبه يمثل دور الانتقال من النماذج المتحجرة التي تحمل غالباً عفن العصر الترکي إلي النماذج المجددة التي تحمل نسمات العصر الحديث». [28] «وکان لازدهار النثر الفني عوامل کثيرة من بينها: العناية بدراسة اللغة العربية وآدابها في الأزهر والمدارس والمعاهد والجامعات، وإحياء مصادر الأدب العربي القديم وطبع أحسن مؤلفات الأدباء المعاصرين، وظهور المجلات الأدبية، وعناية الصحف اليومية بالأدب، وإنشاء دارالکتب المصرية، وکثرة ما ترجم من آداب الغرب إلي العربية، وتعدد الثورات الشعبية، التي احتاجت للخطابة، وقيام الصحف مما دعا إلي نهضة الکتابة». [29]
تطور النثر بعد الحرب العالمية الأولي، وظهر الاتجاه الأدبي الذي يدعو أصحابه إلي الأسلوب الفصيح الرصين الجزل، حتي يکون لأدبهم موقع حسن في الأسماع والقلوب، فهم يحرصون علي الإعراب وعلي الألفاظ الصحيحة. وکانوا في إطار تجديد، لا يخرجون عن أصول العربية، ويقوم هذا الاتجاه علي التحول والتطور في اللغة العربية علي نحوما تحولت وتطورت الآداب الأوربية، دون قطع صلتها بالقديم، ومن أصحابه في مصر، طه حسين، هيکل والعقاد. وهذه النزعة المجددة کانت إحياء للقديم وبعثا وتنمية في صور جديدة، ويعتمد علي عنصرين متکافئين وهما المحافظة علي إحياء القديم والإفادة من الآداب الغربية. [30] وقد ظهرت، في أواخر القرن التاسع عشر، أربع طوائف في النثر وهي: طائفة الأزهريين المحافظين، وطائفة المجددين المعتدلين الذين يريدون أن يعبرو بالعربية دون استخدام سجع وبديع، وطائفة المفرطين في التجديد الذين يدعون إلي استخدام اللغة العامية، ثم طائفة الشاميين، التي کانت في صف الطائفة الثانية، واشتدت المعارك بين الطائفة الأولي والطوائف الأخري، حتي انتصرت طائفة المجددين المعتدلين، فعدل الکتاب إلي التعبير بعبارة عربية صحيحة لا تعتمد علي زينة من سجع وبديع، بل يعتمد علي المعاني ودقتها. [31]
وکان محمد عبده علي رأس طائفة المجددين المعتدلين. وهو الذي أخرج الکتابة الصحفية من دائرة السجع والبديع إلي دائرة الأسلوب الحر السليم. وکوّن لنفسه أسلوبا قويا جزلا، ومرّنه علي تحمل المعاني السياسية والاجتماعية الجديدة والأفکار العالية، ومعني ذلك أنه طور النثر العربي من حيث الشکل والموضوع. [32]
ثم جاء تلميذه لطفي المنفلوطي فقطع بهذا النثر شوطا کبيرا بکتبه ومقالاته، فأنشأ أسلوبا نقيا خالصا ليس فيه شيء من العامية ولا من أساليب السجع الملتوية إلا ما يأتي عفواً، ولم يقلد في ذلك کاتبا قديما مثل ابن المقفع والجاحظ بل حاول أن يکون له أسلوبه الخاص، فأصبح النثر متحررا من کل أشکال قيود السجع والبديع، وبذا يعد المنفطوطي رائد النثر الحديث. وکانت الشهرة التي حظي بها المنفلوطي، تعزي إلي أسلوبه أکثر مما تعزي إلي مضمون مقالاته. وهو أدرك الحاجة إلي تغيير أساليب اللغة العربية، وکثيرا ما عبّر عن اعتقاده بأنّ سرّ الأسلوب کامن في تصوير الکاتب تصويرا صادقا لما يدور في عقله من أفکار. [33]
دور الصحافة والطباعة في تطور النثر:
کانت للصحافة تأثير کبير في حرکة التطور. ولئن کانت في المرحلة الأولي وسيلة السلطة فحسب، فقد غدت، فيما بعد، محرضا وباعثا علي النهضة والتطور. وقد کانت تضم مقالات أدبية أو اجتماعية أو علمية، يفيد منها القراء. وأول من فکر في إنشاء صحيفة، نابليون، الذي أمر بإصدار ثلاث صحف، اثنتين بالفرنسية وواحدة بالعربية. ثم أنشأ محمد علي باشا جريدة رسمية باسم السلطة. وللسوريين واللبنانيين سهم کبير في إصدار عدد ضخم من الصحف والمجلات کالأهرام والمقتطف والمقطم والهلال. [34] وکانت الصحافة هي التي عادت بالکتابة الأدبية إلي أصالتها من حيث کونها خلصتها من التصنع والزخرف ورجعت بها إلي الوضوح ودقة التعبير وطوعتها من جديد للتعبير السمح عن خطرات التفکير ومشاعر الوجدان. [35]
«ففي حقل الصحافة استطاعت الصحف الاسلامية والوطنية أن تصل إلي طبقات کاملة من القراء». [36] وازدهار الصحافة کان نتيجة نمو الحرکات السياسية والاصلاحية واستعلاء الوعي القومي من ناحية والوعي الديني من ناحية أخري. فأصبحت الصحف منابر لتلك الحرکات والمنظمات التي تمثل مختلف الدعوات والمواقف الايديولوجية. وکان القصد عند هؤلاء وأولئك التأثير في الرأي العام والتعبير عن قضاياه. وبذلك يکون ظهور فن المقالة نتيجة من نتائج هذه العوامل کلها، من ظهور الصحافة، وظهور الرأي العام، وظهور الحرکات السياسية والاصلاحية. فعاد الأدب إلي الحياة مرة أخري يعبر عن قضاياه ومنازعها.
«وقد کان لمحمد عبده أثر کبير في نهضة الصحافة في أواخر القرن التاسع عشر، وهو الذي تولي العمل في الوقائع المصرية». [37] وکان للطباعة أيضاً أثر کبير في تطور النثر و «ما کان للنهضة أن تحدث لولا الطباعة، فهي وسيلة النشر الأولي، في عصر يتسم بالتطور السريع، والحاجة إلي الکتاب والصحيفة والمجلة». [38] «کان لازدياد المطابع، والرغبة الأکيدة في طلب المعرفة أن زادت حرکة إحياء التراث العربي، فطبعت أمهات الکتب العربية: الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني، و العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي …». [39] وفي البلاد العربية کان السبق للبنان في استعمال المطبعة. [40]
موضوعات النثر في عصر النهضة:
کانت موضوعات النثر واسعة الأفق، و تناولت مشکلات الحياة وما يهم الشعوب وما يبعث علي اليقظة والنهضة ممثلة في:
الدفاع عن الشعوب المظلومة.
الدعوة إلي الأخذ بنظام الشوري في الحکم.
محاربة الاستعمار، وإثارة الحمية الوطنية في نفوس الشعوب المستذلة.
السعي في إصلاح المفاسد الاجتماعية. [41]
خصائص النثر في عصر النهضة:
سلامة العبارة وسهولتها، مع المحافظة علي سلامة اللغة وخلوها من الوهن والضعف.
تجنب الألفاظ المهجورة والعبارات المسجوعة، إلا ما يأتي عفواً ولايثقل علي السمع.
تقصير العبارة وتجريدها من التنميق والحشو حتي يکون النثر علي قدر المعني.
ترتيب الموضوع ترتيبا منطقيا في حلقات متناسقة، وتقسيم المواضيع إلي فصول وأبواب وفقرات بحيث لايضيع القارئ، ويفهم تناسق الأجزاء ويتبع تسلسلها بسهولة. [42]
أغراض النثر في عصر النهضة:
1ـ النثر الإجتماعي الذي يتطلب صحة العبارة، والبعد عن الزخرف والزينة، ووضوح الجمل، وترك المبالغات، وسلامة الحجج وإجراءها علي حکم المنطق الصحيح، لأن الغرض منه معالجة الأمر الواقع، فلا ينبغي استعمال الأقيسة الشعرية، ولا الخيال المجنح.
2ـ النثر السياسي أو الصحفي، ويمتاز بالسهولة والوضوح بحيث يکون معناه في ظاهر لفظه؛ لأن الصحف تخاطب الجماهير، ويقرؤها الخاصة والعامة.
3ـ النثر الأدبي، وهو أشد أنواع النثر حاجة إلي تخير اللفظ، والتأنق في النظم، حتي يخرج الکلام مشرقا منيرا، لطيف الموقع في النفوس، حلو النبرة في الآذان، لأن للموسيقي اللفظية أثرا کبيرا في الأذهان. وهو أدني أنواع النثر إلي الشعر. [43]
من مجموع ما مضي «يمکن أن نطلق علي الأدب العربي في القرن التاسع عشر عصر الأدب الاتباعي الکلاسيکي، إلا أن الإتباعية فيه کانت ذات ثلاثة مستويات معرفية: الأول، يعتمد في نثره الأساليب الراقية الفنية في العصور العربية الزاهية، والثاني، کان امتدادا لعصور الانحطاط التي بدأت قبل سقوط بغداد فيما يخص التطور النثري فاکتسب طابعها، اغراق في المحسنات البديعية… وثالث مازج بينهما فکان في نثره يجمع بين کلا الطابعين الأدبيين». [44]
خاتمة البحث:
تبين لنا من خلال هذا البحث أن نشأة النثر العربي في العصر الجاهلي کانت غامضة؛ وکان حظ النثر من الحفظ أقل من حظ الشعر. وفي العصر الإسلامي کانت مظاهر التطور في النثر أوضح منها في الشعر ؛ وأغراض النثر ومعانيه قد تغيرت تغيرا محسوسا بظهور الإسلام. وکانت الکتابة ضرورة علمية لا غني عنها في الحرکة العلمية التي ازدهرت في العصر الأموي وتعاظمت في أواخره؛ ونتيجة لذلك توسع انتشار الخط واستعمال الکتابة، إبان ذلك العصر، توسعا عظيما، نظراً لإقبال الناس علي طلبه. وفي العصرالعباسي خطا النثر خطوة واسعة، فهو لم يتطور من حيث موضوعاته وأغراضه فقط؛ بل إن معانيه قد اتسعت وأفکاره قد عمقت، وأخيلته قد شحذت؛ لأن مشاهد الحياة ومقوماتها العامة قد تغيرت. وفي العصر الحديث خرج النثر من عهد الانحطاط، وبدأت الأساليب تتحرر في بعض جوانبها من قيود التصنع اللفظي؛ وکان للطباعة و الصحافة أثر کبير في تطور النثر.
فهرس المصادر والمراجع:
الأدب العربي بين الجاهلية والإسلام: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالتأليف، القاهرة، ط 1، 1952م.
الأدب العربي المعاصر في مصر: شوفي ضيف. دارالمعارف، القاهرة، ط 7، لاتا.
الأدب العربي من الانحدار إلي الازدهار: جودت الرکابي. دارالفکر، دمشق، ط 2، 1996م.
الأدب العربي وتاريخه في العصرين الأموي والعباسي: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالجيل، بيروت، لاط، 1990م.
الأدب والنصوص: سيد سعيد غزلان وآخرون. لانا، لاط، لاتا.
أعلام في النثر العباسي: حسين الحاج حسن. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1993م.
تاريخ الأدب العربي: أحمد حسن الزيات. دارالمعرفة، بيروت، ط 11، 2007م.
تطور الأدب الحديث في مصر: أحمد هيکل. دارالمعارف، القاهرة، ط 6، 1994م.
الجامع في تاريخ الأدب العربي: حناالفاخوري. منشورات ذوي القربي، قم، ط 3، 1427هـ.
دراسات في الأدب العربي الحديث ومدارسه: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالجيل، بيروت، ط 1، 1992م.
دراسات في الأدب العربي: هاملتون جيب. المرکز العربي للکتاب، دمشق، لاط، لاتا.
الرائد في الأدب العربي: إنعام الجندي. دارالرائد العربي، بيروت، ط 2، 1986م.
صبح الأعشي في صناعة الإنشاء: أبوالعباس أحمد بن علي القلقشندي. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية، لاط، لاتا.
الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث: محمد الکتابي. دارالثقافة، ط 1، 1982م.
العقد الفريد: ابن عبدربه. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، لاط، 1942 م.
الفن ومذاهبه في النثر العربي: شوقي ضيف. دارالمعارف، القاهرة، ط 12، لاتا.
الفهرست: ابن النديم. دارالمعرفة، بيروت، لاط، لاتا.
في الأدب الجاهلي: طه حسين. مطبعة فاروق، القاهرة، لاط، 1933م.
في الأدب الحديث: عمرالدسوقي. دارالفکر، القاهرة، ط 8، 1973م.
لسان العرب: ابن منظور. دارإحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1992م.
المقال وفنونه عندالشيخ علي يوسف: طاهر عبداللطيف عوض. مکتبة الکليات الأزهرية، القاهرة، لاط، 1989م.
المقدمة في نقد النثر العربي: علي حب اللَّه. دارالهادي، بيروت، ط 1، 2001م.
من حديث الشعر والنثر: طه حسين. مطبعة الصاوي، القاهرة، ط 1، 1936م.
مواکب الأدب العربي عبرالعصور: عمرالدقاق. طلاس، دمشق، ط 1، 1988.
النثر الفني في القرن الرابع الهجري: زکي مبارك. المکتبة العصرية، بيروت، لاط، لاتا.
النثر الفني وأثر الجاحظ فيه: عبدالحکيم بلبع. مکتبة الأنجلو المصرية، لاط، لاتا.
النصوص الأدبية: نوري حمودي علي وآخرون. دارالحرية، بغداد، ط 1، 1979م.
حواشي
[1] لسان العرب: ابن منظور، دارإحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1992م، مادة (نثر)
[2] الفن ومذاهبه في النثر العربي: شوقي ضيف، دارالمعارف، القاهرة، ط 12، لاتا، ص: 15
[3] النثر الفني في القرن الرابع الهجري: د. زکي مبارك، المکتبة العصرية، بيروت، لاط، لاتا، ج: 1، ص: 50 و مابعدها
[4] الأدب العربي بين الجاهلية والاسلام: د.محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالتأليف، القاهرة، ط 1، 1952م، ص:78
[5] في الأدب الجاهلي: د. طه حسين، مطبعة فاروق، القاهرة، لاط، 1933م، ص: 369؛ ومن حديث الشعر والنثر: د. طه حسين، مطبعة الصاوي، القاهرة، ط 1، 1936م، ص: 24 وما بعدها
[6] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 104
[7] مواکب الأدب العربي عبرالعصور: د. عمر الدقاق، طلاس، دمشق، ط 1، 1988، ص: 77
[8] الجامع في تاريخ الأدب العربي (الأدب القديم): حنا الفاخوري، منشورات ذوي القربي، قم، ط 3، 1427هـ، ص: 322
[9] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 100
[10] صبح الأعشي في صناعة الإنشاء: أبوالعباس أحمد بن علي القلقشندي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية، لاط، لاتا، ج:1،ص: 37
[11] النثر الفني وأثر الجاحظ فيه: عبدالحکيم بلبع، مکتبة الأنجلو المصرية، لاط، لاتا، ص:122
[12] المصدر نفسه، ص: 125
[13] مواکب الأدب العربي عبرالعصور، ص: 118
[14] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 114
[15] العقد الفريد: ابن عبد ربه، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، لاط، 1942 م ،ج:2،ص:106
[16] الفهرست: ابن النديم، دارالمعرفة، بيروت، لاط، لاتا، ص: 170
[17] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 125
[18] الأدب العربي وتاريخه في العصرين الأموي والعباسي: د. محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالجيل، بيروت، لاط، 1990م، ص: 312
[19] أعلام في النثر العباسي: د. حسين الحاج حسن، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1993م، ص: 18
[20] النثر الفني وأثر الجاحظ فيه، ص: 148
[21] الأدب والنصوص: سيد سعيد غزلان وآخرون، لانا، لاط، لاتا،ج:2، ص:178
[22] المصدر نفسه،ج:2، ص: 178ـ179
[23] المقال وفنونه عند الشيخ علي يوسف: طاهر عبداللطيف عوض، مکتبة الکليات الأزهرية، القاهرة، لاط، 1989م، ص: 46
[24] مواکب الأدب العربي عبرالعصور، ص: 249
[25] المصدر نفسه، ص: 250ـ 251
[26] الأدب العربي المعاصر في مصر: شوقي ضيف، دارالمعارف، القاهرة، ط 7، لاتا، ص: 170ـ 171
[27] المصدر نفسه، ص: 171
[28] تطور الأدب الحديث في مصر: أحمد هيکل، دارالمعارف، القاهرة، ط 6، 1994م، ص: 41ـ 42
[29] دراسات في الأدب العربي الحديث و مدارسه: محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالجيل، بيروت، ط 1، 1992م ،ج:2، ص:303
[30] الأدب العربي المعاصر في مصر، ص: 192 ـ 193
[31] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 392
[32] الأدب العربي المعاصر في مصر، ص: 227
[33] دراسات في الأدب العربي: هاملتون جيب، المرکز العربي للکتاب، دمشق، لاط، لاتا، ص: 55
[34] الرائد في الأدب العربي: إنعام الجندي، دارالرائد العربي، بيروت، ط 2، 1986م، ج:2، ص: 243ـ 244
[35] الصراع بين القديم و الجديد في الأدب العربي الحديث: محمد الکتابي، دارالثقافة، ط 1، 1982م، ج:1، ص: 482 ـ483
[36] دراسات في الأدب العربي، ص: 51
[37] دراسات في الأدب العربي الحديث و مدارسه، ص: 311
[38] الرائد في الأدب العربي، ج:2، ص: 245
[39] النصوص الأدبية: نوري حمودي علي و آخرون، دارالحرية، بغداد، ط 1، 1979م، ص: 57
[40] تاريخ الأدب العربي: أحمد حسن الزيات، دارالمعرفة، بيروت، ط 11، 2007م، ص: 314
[41] في الأدب الحديث: عمرالدسوقي، دارالفکر، القاهرة، ط 8، 1973م، ج:1،ص: 340 وما بعدها
[42] الأدب العربي من الانحدار إلي الازدهار: جودت الرکابي، دارالفکر، دمشق، ط 2، 1996م، ص: 327 ـ 328
[43] في الأدب الحديث، ص: 325 وما بعدها
[44] المقدمة في نقد النثر العربي: علي حب اللَّه، دارالهادي، بيروت، ط 1، 2001م، ص: 225 ـ
النثر لغة:
يقول صاحب اللسان: «النثر نَثرُكَ الشيءَ بيدك ترمي به متفرقا مثل نثر الجوز واللوز والسکر وکذلك نثر الحبّ إذا بُذر». [1] فالمعني اللغوي يعني الشيء المبعثر (المتفرق) الذي لايقوم علي أساس في تفرقه وبعثرته، أي: لا يقوم علي أساس من حيث الکيف والکم والاتساع.
النثر اصطلاحاً:
هو الکلام الذي ليس فيه الوزن ويعتمد علي الحقائق. بتعبير آخر: النثر هو کلام المقفي بالأسجاع.
النثر أدب إنساني، «وهو علي ضربين: أما الضرب الأول فهو النثر العادي الذي يقال في لغة التخاطب، وليست لهذا الضرب قيمة أدبية إلا ما يجري فيه أحيانا من أمثال وحکم، وأما الضرب الثاني فهو النثر الذي يرتفع فيه أصحابه إلي لغة فيها فن ومهارة وبلاغة، وهذا الضرب هو الذي يعني النقاد في اللغات المختلفة ببحثه ودرسه وبيان ما مر به من أحداث وأطوار، ومايمتاز به في کل طور من صفات وخصائص، وهو يتفرع إلي جدولين کبيرين، هما الخطابة والکتابة الفنية ـ ويسميها بعض الباحثين باسم النثر الفني ـ وهي تشمل القصص المکتوب کما تشمل الرسائل الأدبية المحبرة، وقد تتسع فتشمل الکتابة التاريخية المنمقة». [2]
نشأة النثر الفني:
يجد الباحث عنتا کبيرا حينما يحاول تحديد الوقت الذي نشأ فيه النثر الفني في اللغة العربية. إذ أن الباحثين الذين تصدوا لدراسة الأدب الجاهلي قد اضطربوا في تقدير الوجود الأدبي لعرب الجاهلية وبخاصة فيها يتعلق بالنثر، ولم يستطيعوا علي الرغم من جهودهم ودراساتهم أن يصلوا في ذلك الموضوع إلي نتيجة ثابتة أو رأي موحد يمکن الاطمئنان إليه.أما هذه الآثار النثرية المختلفة التي تنسب إلي الجاهليين، فيکاد مؤرخو الأدب يتفقون علي عدم صحة شيء منها، والسبب في عدم الثقة بهذه النصوص هو أن وسائل التدوين لم تکن ميسرة في العصر الجاهلي.
الآراء حول نشأة النثر الفني في العصر الجاهلي:
يؤکد الدکتور زکي مبارك أنه قد کان للعرب في الجاهلية نثر فني له خصائصه وقيمته الأدبية، وأن الجاهليين لابد وأن يکونوا قد بلغوا في ذلك المضمار شأوا بعيدا لايقل عما وصل إليه الفرس واليونان في ذلك الوقت، بل أنهم في إنتاجهم الأدبي في النثر لم يکونوا متأثرين تأثراً کبيرا بدولة أخري مجاورة أو غير مجاورة، وإنما کانت لهم في کثير من الأحيان أصالتهم وذاتيتهم واستقلالهم الأدبي الذي تقتضيه بيئتهم المستقلة، وحياتهم التي کانت أقرب إلي الانعزال. وإذا کانت الظروف المختلفة لم تساعد علي بقاء هذا التراث من النثر الجاهلي، فليس معني ذلك أن نهدره ونحکم بعدم وجوده، وإنما يجب أن نلتمسه في مصادر أخري. ونحن إن فعلنا هذا فسوف نجد بين أيدينا حجة لاتنکر، ودليلا لا يجحد علي أن ثمة نثرا جاهليا، ألا وهو القرآن الکريم. فإذا کنا نؤمن بأن هذا القرآن قد نزل لهداية هؤلاء الجاهليين، وإرشادهم، وتنظيم حياتهم في نواحيها المختلفة من دينية، وأخلاقية، وسياسية، واجتماعية، واقتصادية، وأنه کان يخاطبهم وهم بطبيعة الحال لايخاطبون إلا بأسلوب الذي يفهمونه ويتذوقونه، وأنه کان يتحداهم في محاکاته، والإتيان بسورة من مثله ولا يسوغ في العقل أن يکون هذا التحدي إلا لقوم قد بلغوا درجة ما من بلاغة القول، وفصاحة اللسان تجعلهم أهلا لهذا التحدي حتي يصدق معناه، إذا کان هذا کله، وأن القرآن الکريم قد نزل بلغة العرب وعلي لسان واحد منهم ﴿وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم﴾ تأکد لنا أن العرب الجاهليين قد عرفوا النثر الفني، وأن القرآن يمکن أن يعطينا صورة ـ ولو تقريبية ـ عن شکل هذا النثر، ومنهجه، وحالته التي کان عليها. [3] وکذلك يعتقد الدکتور محمد عبدالمنعم خفاجي بوجود النثر الفني في الجاهلية. [4]
ويري الدکتور طه حسين بأن النشر الفني بمعني أنه تعبير جميل رصين محکم يستدعي الرؤية والتفکير والإعداد، لايتصور أن يکون موجودا في العصر الجاهلي؛ إذ أن هذا اللون من النثر إنما يلائم نوعا من الحياة لم يکن قد تهيأ للعرب إذ ذاك. فهذه الحياة الأولية الفطرية السهلة التي کان يحياها العرب قبل الإسلام لم تکن تسمح بقيام هذا اللون من الکتابة الفنية التي تستدعي بطبيعتها الرؤية، والتفکير، ووجود جماعة إنسانية منظمة تسودها أوضاع سياسية واجتماعية معقدة. وهذا النثر المنسوب إلي الجاهليين ليس إلا شيئا منحولا مدسوسا عليهم. حيث إنه علي هذا النحو الذي روي به لايکاد يمثل الحياة الجاهلية تمثيلا کاملا. فهذه الخطب، والوصايا، والسجع، والکلام الذي ينسب لقس بن ساعدة، وأکثم بن صيفي، وغيرهما يکفي أن ننظر إليه نظرة واحدة لنرده بأجمعه إلي العصور الإسلامية التي انتحلت فيها کل هذه الأشياء؛ لنفس الأسباب التي انتحل الشعر من أجلها وأضيف إلي الجاهليين. [5] ويتحدث شوقي ضيف عن نشأة النثر الفني في الأدب العربي بقوله «نحن لانغلو هذا الغلو الذي جعل بعض المعاصرين يذهب إلي أن العرب عرفوا الکتابة الفنية أو النثر الفني منذ العصر الجاهلي، فما تحت أيدينا من وثائق ونصوص حسية لا يؤيد ذلك إلا إذا اعتمدنا علي الفرض والظن، والحق أن ما تحت أيدينا من النصوص الوثيقة يجعلنا نقف في مرحلة وسطي بين الرأيين، فلا نتأخر بنشأة الکتابة الفنية عند العرب إلي العصر الجاهلي، بل نضعها في مکانها الصحيح الذي تؤيده المستندات والوثائق، وهو العصر الإسلامي». [6]
النثر في العصر الإسلامي:
النثر الفني في عهد النبوة، لم يکد يختلف اختلافا جوهريا عن النثر الجاهلي. «دخل النثر العربي في طور جديد بظهور الإسلام، بعد أن تعرضت الحياة الأدبية لانقلاب شامل وتطور بعيد المدي. ولم يکن ثمة بد من أن يتأثر الأدب بالحياة الجديدة وأن يکون صدي لأحداثها واتجاهاتها. وکانت مظاهر التطور في النثر أوضح منها في الشعر، لأن الشعر فن تقليدي يترسم فيه الشاعر خطا سابقيه، ويلتزم أصولا محددة، ولذلك يکون أبطأ من النثر استجابة لدواعي التطور». [7] أما أغراض النثر ومعانيه، فإنها بلا شك قد تغيرت تغيرا محسوسا بظهور الإسلام، و «تلوّن النثر في هذا العهد بجميع ألوان الحياة الجديدة فکان خطابة، وکتابة، ورسائل وعهودا، وقصصا، ومناظرات، وتوقيعات، وکان علي کل حال أدبا مطبوعا. وامتاز النثر في هذا العهد بالإيجاز علي سنة الطبيعة العربية الأصيلة». [8]
النثر في العصر الأموي:
کانت الکتابة ضرورة إدارية ملحة لا غني عنها في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، في المکاتبات والدواوين المختلفة. کما کانت ضرورة اجتماعية لا غني عنها في المعاملات. وکانت کذلك ضرورة علمية لا غني عنها في الحرکة العلمية التي ازدهرت في العصر الأموي وتعاظمت في أواخره. ونتيجة لذلك کله توسع انتشار الخط واستعمال الکتابة، إبان ذلك العصر، توسعا عظيما، نظراً لإقبال الناس علي طلبه.
يقول الدکتور شوقي ضيف: «أن الکتابة نمت في العصر الأموي نموا واسعا، فقد عرف العرب فکرة الکتاب وأنه صحف يجمع بعضها إلي بعض في موضوع من الموضوعات، وقد ألفوا فعلا کتبا کثيرة». [9] وقد کانت لمن يعرف الکتابة مکانة رفيعة عند الناس، إذ کانوا يعرفون له قدرة، وکان سعيد بن العاص يردد دائماً قوله: «من لم يکتب فيمينه يسري». [10]
لعل من أهم الأسباب التي هيأت لرقي الکتابة الفنية في هذا العصر تعريب الدواوين في البلاد المختلفة. [11]، وتعقد الحياة السياسية، وکثرة الأحزاب والمذاهب. [12]
«وقد تجلت بواکير الکتابة في أواخر العصر الأموي بفضل موهبة عبدالحميد بن يحيي الکاتب». [13] ولقد أجمع النقاد والمؤرخون في القديم والحديث علي أن عبدالحميد إمام طور جديد في الکتابة العربية، وأنه هو الذي وضع الأساس لهذا المنهج الکتابي الذي اقتفاه الکتاب من بعده، وهو «أبلغ کتاب الدواوين في العصر الأموي وأشهرهم، وقد ضربت ببلاغته الأمثال». [14]، و«کان عبدالحميد أول من فتق أکمام البلاغة وسهل طرقها وفك رقاب الشعر». [15] وقال ابن النديم: «عنه أخذ المترسلون ولطريقته لزموا، وهو الذي سهل سبيل البلاغة في الترسل». [16] إذن لقد تواترت آراء المؤرخين والأدباء منذ القرن الثالث الهجري علي أن الرجل ذو مکانة ملحوظة في تاريخ النثر العربي، وأنه ذو أثر عميق في تطور الکتابة الفنية، وأنه قد سن طريقة جديدة سار علي نهجها من جاء بعده من الکتاب.
النثر في العصر العباسي:
زخر العصر العباسي بالأحداث التاريخية، والتقلبات السياسية، کما زخر بالتطورات الاجتماعية التي نقلت العرب من حال إلي حال، وقد کان لکل هذا، فضلا عن نضج العقول بالثقافة، أثر واضح في تطوير الأدب بعامة، والکتابة بصفة خاصة. لقد تقدمت الکتابة الفنية في هذا العصر تقدما محسوسا؛ وسارت شوطا بعيدا في سبيل القوة والعمق والاتساع.
و«أصبح النثر العربي في العصر العباسي متعدد الفروع، فهناك النثر العلمي والنثر الفلسفي والنثر التاريخي، والنثر الأدبي الخالص، وکان في بعض صوره امتدادا للقديم؛ وکان في بعضها الآخر مبتکرا لا عهد للعرب به». [17] وکان تشجيع الخلفاء والوزراء والرؤساء للأدب وللکتاب باعثا علي النهوض بالکتابة، داعيا إلي ارتفاع شأنها، وسمو منزلتها، ثم کان التنافس القوي بين الأدباء وتسابقهم إلي خدمة الخلفاء والرؤساء حافزا علي تجويدها والتأنق في أساليبها. [18] «إن الکتابة کانت جواز عبور إلي الوزارة وبعض الوظائف المرموقة في مرافق الدولة لذلك کان علي الراغبين في الوصول إلي هذه المناصب العليا إتقان صناعة الکتابة حتي يحققوا أهدافهم التي کانوا يطمحون إليها». [19]
والأغراض التي عبر عنها النثر الفني في هذا العصر قد اختلفت و«بعد أن کان النثر الأموي خطابته وکتابته منصرفا بوجه عام إلي أغراض سياسية وحزبية، ولم يتجه إلي الأغراض الأخري إلا في صورة ضئيلة، فانه في العصر العباسي قد اتجه إلي کثير من الأغراض والموضوعات الشخصية والاجتماعية والانسانية؛ کالمدح والهجاء والرثاء والاعتذار والتهنئة والتعزية والاستعطاف، والوصف والنسيب والفکاهة والنصح». [20] ونستطيع القول بأن النثر خطا خطوة واسعة؛ فهو لم يتطور من حيث موضوعاته وأغراضه فقط؛ بل إن معانيه قد اتسعت وأفکاره قد عمقت، وأخيلته قد شحذت؛ لأن مشاهد الحياة ومقوماتها العامة قد تغيرت.
مظاهر نهضة النثر في العصر العباسي:
1ـ تنوع فنونه وأغراضه: فقد تناول کل مجالات الحياة واستخدمته الدولة في الشؤون السياسية والاجتماعية والثقافية.
2ـ وصول الکتاب إلي المناصب الوزارية.
3ـ أنه أصبح وعاء لثقافات جديدة، کانت نتيجة لامتزاج الفکر العربي بأفکار الأمم الأخري.
4ـ رقي الأفکار وعمق المعاني.
5ـ التفنن في أساليبه وظهور مدارس متنوعة. [21]
أسباب نهضة النثر في العصر العباسي:
استقرار الأمور في الدولة واتساع العمران، وما يتبع ذلك من رخاء.
النضج العقلي وظهور آثار التقدم الفکري في الدولة.
ظهور أجيال جديدة من المثقفين من أبناء الأمم المستعربة الذين جمعوا إلي الثقافة العربية الأصيلة فنونا جديدة من ثقافات آبائهم الفرس، الهنود و اليونان.
تشجيع الخلفاء والأمراء للکتاب وإغداق الأموال عليهم.
وصول الکتاب إلي المناصب الکبيرة جعل الکتابة مطمح کل راغب في الجاه والسلطان.
التنافس بين الکتاب في سبيل الإجادة الفنية.
کثرة المذاهب الکلامية وحاجة کل مذهب إلي التأييد وشرح مبادئه. [22]
النثر الحديث:
«في النصف الأول من القرن التاسع عشر، کان النثر في هذه الفترة رکيك الأسلوب يعتمد علي المحسنات البديعية، مسيطرا عليه طريقة القاضي الفاضل علي أساليب کتاب عصره و نهج نهجه، فبدت علي أساليب هؤلاء مظاهر التکلف فأسرفوا في المحاکاة وأوغلوا في الصنعة، وتعمد تصيد الألفاظ والأساليب ذات البريق واللمعان». [23]
في بدايات النثر الأدبي الحديث «کانت القرائح حبيسة الأغراض الضيقة والمعاني التافهة، وقلّما کانت تتجاوز الرسائل الاخوانية، من تهنئة بمولود، أو تعزية بفقيد، أو معاتبة لصديق، وقلّما تعدي موضوع النثر هذه الحدود الضيقة ليلامس اهتمام الناس ويعالج شؤون المجتمع». [24] «انطلق الفکر الحديث ناشطا و راح يرود آفاقا أرحب تتصل بالواقع وبالمجتمع، نتيجة انتشار أنوار النهضة في أرجاء المشرق العربي. وبدأت الأساليب تتحرر في بعض جوانبها من قيود التصنع اللفظي. غير أن فئة من الناثرين ظلت علي تعلقها بالعبارات المنمقة، وراحت تجد فيها نمطا أدبيا متميزا لا يحسن التفريط به. ومن هذا المنطلق ساغ للشيخ ناصيف اليازجي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر فن المقامات؛ فدأب علي إحيائه، وجهد في النسج علي منواله… وفي الوقت نفسه کان ثمة ناثرون رواد ومؤلفون کبار أخذوا يراوحون بين النثر المقيد والنثر المرسل، ترفدهم في الحالين موهبة فذة، وفي مقدمة هؤلاء أحمد فارس الشدياق، أحد أرکان النهضة الفکرية، ورائد الصحافة الأدبية». [25]
ويمکن القول بأن اتصال الشرق العربي بالغرب ظل قاصرا في أول الأمر علي النواحي العلمية والفنية التطبيقية. أما النواحي الأدبية فظل فيها الاتصال معدوما. وطبيعي ألا تنهض اللغة وتظل علي عهودها السابقة جامدة راکدة مثقلة بالسجع والمحسنات البديعية». [26] واشتد احتکاك الشرق العربي بالغرب في منتصف القرن التاسع عشر و «أرسلت طائفة من الشباب المصري إلي أوربا وعلي رأسها رفاعة الطهطاوي «الذي تعلم في الأزهر وتخرج فيه، و رافق البعثة الکبري الأولي لمحمد علي إماما لها. ولم يکتف بعمله، بل أقبل علي تعلم اللغة الفرنسية، حتي أتقنها. وفي أثناء إقامته بباريس أخذ يصف الحياة الفرنسية من جميع نواحيها المادية والاجتماعية والسياسية في کتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز». وعاد إلي مصر فاشتغل بالترجمة وعيِّن مديرا لمدرسة الألسن، وأخذ يترجم مع تلاميذه آثارا مختلفة من اللغة الفرنسية. وکان ذلك بدء النهضة الأدبية المصرية، ولکنه کان بدعا مضطربا، فإن رفاعة وتلاميذه لم يتحرروا من السجع والبديع، بل ظلوا يکتبون بهما المعاني الأدبية الأوربية. ومن الغريب أنهم کانوا يقرءونها في لغة سهلة يسيرة، ثم ينقلونها إلي هذه اللغة الصعبة العسيرة المملوءة بضروب التکلف الشديد، فتصبح شيئا مبهما لايکاد يفهم إلا بمشقة». [27]
«هناك ظاهرة جديرة بالتسجيل تتعلق بالأدب في تلك الحقبة، وهي الالتفات من بعض الکتاب إلي موضوع الوطن والوطنية، بالمفهوم الحديث تقريبا؛ فقد کان الوطن من قبل ذائبا في جملة العالم الإسلامي أو دولة الخلافة، وليس له دلالة خاصة، وبالتالي ليس هناك کتابات تدور حوله وتتغني به. أما الآن ومع کتابات رفاعة الطهطاوي بصفة خاصة، فنحن نجد فکرة الوطن تبرز، والتغني به يبدأ، حتي ليمکن أن يعتبر ما کان من ذلك حجر الأساس في الأدب المصري القومي في العصر الحديث. وهکذا نري أن رفاعة الطهطاوي يعتبر واضع بذور التجديد في الأدب المصري الحديث، فأدبه يمثل دور الانتقال من النماذج المتحجرة التي تحمل غالباً عفن العصر الترکي إلي النماذج المجددة التي تحمل نسمات العصر الحديث». [28] «وکان لازدهار النثر الفني عوامل کثيرة من بينها: العناية بدراسة اللغة العربية وآدابها في الأزهر والمدارس والمعاهد والجامعات، وإحياء مصادر الأدب العربي القديم وطبع أحسن مؤلفات الأدباء المعاصرين، وظهور المجلات الأدبية، وعناية الصحف اليومية بالأدب، وإنشاء دارالکتب المصرية، وکثرة ما ترجم من آداب الغرب إلي العربية، وتعدد الثورات الشعبية، التي احتاجت للخطابة، وقيام الصحف مما دعا إلي نهضة الکتابة». [29]
تطور النثر بعد الحرب العالمية الأولي، وظهر الاتجاه الأدبي الذي يدعو أصحابه إلي الأسلوب الفصيح الرصين الجزل، حتي يکون لأدبهم موقع حسن في الأسماع والقلوب، فهم يحرصون علي الإعراب وعلي الألفاظ الصحيحة. وکانوا في إطار تجديد، لا يخرجون عن أصول العربية، ويقوم هذا الاتجاه علي التحول والتطور في اللغة العربية علي نحوما تحولت وتطورت الآداب الأوربية، دون قطع صلتها بالقديم، ومن أصحابه في مصر، طه حسين، هيکل والعقاد. وهذه النزعة المجددة کانت إحياء للقديم وبعثا وتنمية في صور جديدة، ويعتمد علي عنصرين متکافئين وهما المحافظة علي إحياء القديم والإفادة من الآداب الغربية. [30] وقد ظهرت، في أواخر القرن التاسع عشر، أربع طوائف في النثر وهي: طائفة الأزهريين المحافظين، وطائفة المجددين المعتدلين الذين يريدون أن يعبرو بالعربية دون استخدام سجع وبديع، وطائفة المفرطين في التجديد الذين يدعون إلي استخدام اللغة العامية، ثم طائفة الشاميين، التي کانت في صف الطائفة الثانية، واشتدت المعارك بين الطائفة الأولي والطوائف الأخري، حتي انتصرت طائفة المجددين المعتدلين، فعدل الکتاب إلي التعبير بعبارة عربية صحيحة لا تعتمد علي زينة من سجع وبديع، بل يعتمد علي المعاني ودقتها. [31]
وکان محمد عبده علي رأس طائفة المجددين المعتدلين. وهو الذي أخرج الکتابة الصحفية من دائرة السجع والبديع إلي دائرة الأسلوب الحر السليم. وکوّن لنفسه أسلوبا قويا جزلا، ومرّنه علي تحمل المعاني السياسية والاجتماعية الجديدة والأفکار العالية، ومعني ذلك أنه طور النثر العربي من حيث الشکل والموضوع. [32]
ثم جاء تلميذه لطفي المنفلوطي فقطع بهذا النثر شوطا کبيرا بکتبه ومقالاته، فأنشأ أسلوبا نقيا خالصا ليس فيه شيء من العامية ولا من أساليب السجع الملتوية إلا ما يأتي عفواً، ولم يقلد في ذلك کاتبا قديما مثل ابن المقفع والجاحظ بل حاول أن يکون له أسلوبه الخاص، فأصبح النثر متحررا من کل أشکال قيود السجع والبديع، وبذا يعد المنفطوطي رائد النثر الحديث. وکانت الشهرة التي حظي بها المنفلوطي، تعزي إلي أسلوبه أکثر مما تعزي إلي مضمون مقالاته. وهو أدرك الحاجة إلي تغيير أساليب اللغة العربية، وکثيرا ما عبّر عن اعتقاده بأنّ سرّ الأسلوب کامن في تصوير الکاتب تصويرا صادقا لما يدور في عقله من أفکار. [33]
دور الصحافة والطباعة في تطور النثر:
کانت للصحافة تأثير کبير في حرکة التطور. ولئن کانت في المرحلة الأولي وسيلة السلطة فحسب، فقد غدت، فيما بعد، محرضا وباعثا علي النهضة والتطور. وقد کانت تضم مقالات أدبية أو اجتماعية أو علمية، يفيد منها القراء. وأول من فکر في إنشاء صحيفة، نابليون، الذي أمر بإصدار ثلاث صحف، اثنتين بالفرنسية وواحدة بالعربية. ثم أنشأ محمد علي باشا جريدة رسمية باسم السلطة. وللسوريين واللبنانيين سهم کبير في إصدار عدد ضخم من الصحف والمجلات کالأهرام والمقتطف والمقطم والهلال. [34] وکانت الصحافة هي التي عادت بالکتابة الأدبية إلي أصالتها من حيث کونها خلصتها من التصنع والزخرف ورجعت بها إلي الوضوح ودقة التعبير وطوعتها من جديد للتعبير السمح عن خطرات التفکير ومشاعر الوجدان. [35]
«ففي حقل الصحافة استطاعت الصحف الاسلامية والوطنية أن تصل إلي طبقات کاملة من القراء». [36] وازدهار الصحافة کان نتيجة نمو الحرکات السياسية والاصلاحية واستعلاء الوعي القومي من ناحية والوعي الديني من ناحية أخري. فأصبحت الصحف منابر لتلك الحرکات والمنظمات التي تمثل مختلف الدعوات والمواقف الايديولوجية. وکان القصد عند هؤلاء وأولئك التأثير في الرأي العام والتعبير عن قضاياه. وبذلك يکون ظهور فن المقالة نتيجة من نتائج هذه العوامل کلها، من ظهور الصحافة، وظهور الرأي العام، وظهور الحرکات السياسية والاصلاحية. فعاد الأدب إلي الحياة مرة أخري يعبر عن قضاياه ومنازعها.
«وقد کان لمحمد عبده أثر کبير في نهضة الصحافة في أواخر القرن التاسع عشر، وهو الذي تولي العمل في الوقائع المصرية». [37] وکان للطباعة أيضاً أثر کبير في تطور النثر و «ما کان للنهضة أن تحدث لولا الطباعة، فهي وسيلة النشر الأولي، في عصر يتسم بالتطور السريع، والحاجة إلي الکتاب والصحيفة والمجلة». [38] «کان لازدياد المطابع، والرغبة الأکيدة في طلب المعرفة أن زادت حرکة إحياء التراث العربي، فطبعت أمهات الکتب العربية: الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني، و العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي …». [39] وفي البلاد العربية کان السبق للبنان في استعمال المطبعة. [40]
موضوعات النثر في عصر النهضة:
کانت موضوعات النثر واسعة الأفق، و تناولت مشکلات الحياة وما يهم الشعوب وما يبعث علي اليقظة والنهضة ممثلة في:
الدفاع عن الشعوب المظلومة.
الدعوة إلي الأخذ بنظام الشوري في الحکم.
محاربة الاستعمار، وإثارة الحمية الوطنية في نفوس الشعوب المستذلة.
السعي في إصلاح المفاسد الاجتماعية. [41]
خصائص النثر في عصر النهضة:
سلامة العبارة وسهولتها، مع المحافظة علي سلامة اللغة وخلوها من الوهن والضعف.
تجنب الألفاظ المهجورة والعبارات المسجوعة، إلا ما يأتي عفواً ولايثقل علي السمع.
تقصير العبارة وتجريدها من التنميق والحشو حتي يکون النثر علي قدر المعني.
ترتيب الموضوع ترتيبا منطقيا في حلقات متناسقة، وتقسيم المواضيع إلي فصول وأبواب وفقرات بحيث لايضيع القارئ، ويفهم تناسق الأجزاء ويتبع تسلسلها بسهولة. [42]
أغراض النثر في عصر النهضة:
1ـ النثر الإجتماعي الذي يتطلب صحة العبارة، والبعد عن الزخرف والزينة، ووضوح الجمل، وترك المبالغات، وسلامة الحجج وإجراءها علي حکم المنطق الصحيح، لأن الغرض منه معالجة الأمر الواقع، فلا ينبغي استعمال الأقيسة الشعرية، ولا الخيال المجنح.
2ـ النثر السياسي أو الصحفي، ويمتاز بالسهولة والوضوح بحيث يکون معناه في ظاهر لفظه؛ لأن الصحف تخاطب الجماهير، ويقرؤها الخاصة والعامة.
3ـ النثر الأدبي، وهو أشد أنواع النثر حاجة إلي تخير اللفظ، والتأنق في النظم، حتي يخرج الکلام مشرقا منيرا، لطيف الموقع في النفوس، حلو النبرة في الآذان، لأن للموسيقي اللفظية أثرا کبيرا في الأذهان. وهو أدني أنواع النثر إلي الشعر. [43]
من مجموع ما مضي «يمکن أن نطلق علي الأدب العربي في القرن التاسع عشر عصر الأدب الاتباعي الکلاسيکي، إلا أن الإتباعية فيه کانت ذات ثلاثة مستويات معرفية: الأول، يعتمد في نثره الأساليب الراقية الفنية في العصور العربية الزاهية، والثاني، کان امتدادا لعصور الانحطاط التي بدأت قبل سقوط بغداد فيما يخص التطور النثري فاکتسب طابعها، اغراق في المحسنات البديعية… وثالث مازج بينهما فکان في نثره يجمع بين کلا الطابعين الأدبيين». [44]
خاتمة البحث:
تبين لنا من خلال هذا البحث أن نشأة النثر العربي في العصر الجاهلي کانت غامضة؛ وکان حظ النثر من الحفظ أقل من حظ الشعر. وفي العصر الإسلامي کانت مظاهر التطور في النثر أوضح منها في الشعر ؛ وأغراض النثر ومعانيه قد تغيرت تغيرا محسوسا بظهور الإسلام. وکانت الکتابة ضرورة علمية لا غني عنها في الحرکة العلمية التي ازدهرت في العصر الأموي وتعاظمت في أواخره؛ ونتيجة لذلك توسع انتشار الخط واستعمال الکتابة، إبان ذلك العصر، توسعا عظيما، نظراً لإقبال الناس علي طلبه. وفي العصرالعباسي خطا النثر خطوة واسعة، فهو لم يتطور من حيث موضوعاته وأغراضه فقط؛ بل إن معانيه قد اتسعت وأفکاره قد عمقت، وأخيلته قد شحذت؛ لأن مشاهد الحياة ومقوماتها العامة قد تغيرت. وفي العصر الحديث خرج النثر من عهد الانحطاط، وبدأت الأساليب تتحرر في بعض جوانبها من قيود التصنع اللفظي؛ وکان للطباعة و الصحافة أثر کبير في تطور النثر.
فهرس المصادر والمراجع:
الأدب العربي بين الجاهلية والإسلام: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالتأليف، القاهرة، ط 1، 1952م.
الأدب العربي المعاصر في مصر: شوفي ضيف. دارالمعارف، القاهرة، ط 7، لاتا.
الأدب العربي من الانحدار إلي الازدهار: جودت الرکابي. دارالفکر، دمشق، ط 2، 1996م.
الأدب العربي وتاريخه في العصرين الأموي والعباسي: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالجيل، بيروت، لاط، 1990م.
الأدب والنصوص: سيد سعيد غزلان وآخرون. لانا، لاط، لاتا.
أعلام في النثر العباسي: حسين الحاج حسن. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1993م.
تاريخ الأدب العربي: أحمد حسن الزيات. دارالمعرفة، بيروت، ط 11، 2007م.
تطور الأدب الحديث في مصر: أحمد هيکل. دارالمعارف، القاهرة، ط 6، 1994م.
الجامع في تاريخ الأدب العربي: حناالفاخوري. منشورات ذوي القربي، قم، ط 3، 1427هـ.
دراسات في الأدب العربي الحديث ومدارسه: محمد عبدالمنعم خفاجي. دارالجيل، بيروت، ط 1، 1992م.
دراسات في الأدب العربي: هاملتون جيب. المرکز العربي للکتاب، دمشق، لاط، لاتا.
الرائد في الأدب العربي: إنعام الجندي. دارالرائد العربي، بيروت، ط 2، 1986م.
صبح الأعشي في صناعة الإنشاء: أبوالعباس أحمد بن علي القلقشندي. وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية، لاط، لاتا.
الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث: محمد الکتابي. دارالثقافة، ط 1، 1982م.
العقد الفريد: ابن عبدربه. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، لاط، 1942 م.
الفن ومذاهبه في النثر العربي: شوقي ضيف. دارالمعارف، القاهرة، ط 12، لاتا.
الفهرست: ابن النديم. دارالمعرفة، بيروت، لاط، لاتا.
في الأدب الجاهلي: طه حسين. مطبعة فاروق، القاهرة، لاط، 1933م.
في الأدب الحديث: عمرالدسوقي. دارالفکر، القاهرة، ط 8، 1973م.
لسان العرب: ابن منظور. دارإحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1992م.
المقال وفنونه عندالشيخ علي يوسف: طاهر عبداللطيف عوض. مکتبة الکليات الأزهرية، القاهرة، لاط، 1989م.
المقدمة في نقد النثر العربي: علي حب اللَّه. دارالهادي، بيروت، ط 1، 2001م.
من حديث الشعر والنثر: طه حسين. مطبعة الصاوي، القاهرة، ط 1، 1936م.
مواکب الأدب العربي عبرالعصور: عمرالدقاق. طلاس، دمشق، ط 1، 1988.
النثر الفني في القرن الرابع الهجري: زکي مبارك. المکتبة العصرية، بيروت، لاط، لاتا.
النثر الفني وأثر الجاحظ فيه: عبدالحکيم بلبع. مکتبة الأنجلو المصرية، لاط، لاتا.
النصوص الأدبية: نوري حمودي علي وآخرون. دارالحرية، بغداد، ط 1، 1979م.
حواشي
[1] لسان العرب: ابن منظور، دارإحياء التراث العربي، بيروت، ط 2، 1992م، مادة (نثر)
[2] الفن ومذاهبه في النثر العربي: شوقي ضيف، دارالمعارف، القاهرة، ط 12، لاتا، ص: 15
[3] النثر الفني في القرن الرابع الهجري: د. زکي مبارك، المکتبة العصرية، بيروت، لاط، لاتا، ج: 1، ص: 50 و مابعدها
[4] الأدب العربي بين الجاهلية والاسلام: د.محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالتأليف، القاهرة، ط 1، 1952م، ص:78
[5] في الأدب الجاهلي: د. طه حسين، مطبعة فاروق، القاهرة، لاط، 1933م، ص: 369؛ ومن حديث الشعر والنثر: د. طه حسين، مطبعة الصاوي، القاهرة، ط 1، 1936م، ص: 24 وما بعدها
[6] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 104
[7] مواکب الأدب العربي عبرالعصور: د. عمر الدقاق، طلاس، دمشق، ط 1، 1988، ص: 77
[8] الجامع في تاريخ الأدب العربي (الأدب القديم): حنا الفاخوري، منشورات ذوي القربي، قم، ط 3، 1427هـ، ص: 322
[9] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 100
[10] صبح الأعشي في صناعة الإنشاء: أبوالعباس أحمد بن علي القلقشندي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسسة المصرية العامة، نسخة مصورة عن الطبعة الأميرية، لاط، لاتا، ج:1،ص: 37
[11] النثر الفني وأثر الجاحظ فيه: عبدالحکيم بلبع، مکتبة الأنجلو المصرية، لاط، لاتا، ص:122
[12] المصدر نفسه، ص: 125
[13] مواکب الأدب العربي عبرالعصور، ص: 118
[14] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 114
[15] العقد الفريد: ابن عبد ربه، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، لاط، 1942 م ،ج:2،ص:106
[16] الفهرست: ابن النديم، دارالمعرفة، بيروت، لاط، لاتا، ص: 170
[17] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 125
[18] الأدب العربي وتاريخه في العصرين الأموي والعباسي: د. محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالجيل، بيروت، لاط، 1990م، ص: 312
[19] أعلام في النثر العباسي: د. حسين الحاج حسن، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1993م، ص: 18
[20] النثر الفني وأثر الجاحظ فيه، ص: 148
[21] الأدب والنصوص: سيد سعيد غزلان وآخرون، لانا، لاط، لاتا،ج:2، ص:178
[22] المصدر نفسه،ج:2، ص: 178ـ179
[23] المقال وفنونه عند الشيخ علي يوسف: طاهر عبداللطيف عوض، مکتبة الکليات الأزهرية، القاهرة، لاط، 1989م، ص: 46
[24] مواکب الأدب العربي عبرالعصور، ص: 249
[25] المصدر نفسه، ص: 250ـ 251
[26] الأدب العربي المعاصر في مصر: شوقي ضيف، دارالمعارف، القاهرة، ط 7، لاتا، ص: 170ـ 171
[27] المصدر نفسه، ص: 171
[28] تطور الأدب الحديث في مصر: أحمد هيکل، دارالمعارف، القاهرة، ط 6، 1994م، ص: 41ـ 42
[29] دراسات في الأدب العربي الحديث و مدارسه: محمد عبدالمنعم خفاجي، دارالجيل، بيروت، ط 1، 1992م ،ج:2، ص:303
[30] الأدب العربي المعاصر في مصر، ص: 192 ـ 193
[31] الفن ومذاهبه في النثر العربي، ص: 392
[32] الأدب العربي المعاصر في مصر، ص: 227
[33] دراسات في الأدب العربي: هاملتون جيب، المرکز العربي للکتاب، دمشق، لاط، لاتا، ص: 55
[34] الرائد في الأدب العربي: إنعام الجندي، دارالرائد العربي، بيروت، ط 2، 1986م، ج:2، ص: 243ـ 244
[35] الصراع بين القديم و الجديد في الأدب العربي الحديث: محمد الکتابي، دارالثقافة، ط 1، 1982م، ج:1، ص: 482 ـ483
[36] دراسات في الأدب العربي، ص: 51
[37] دراسات في الأدب العربي الحديث و مدارسه، ص: 311
[38] الرائد في الأدب العربي، ج:2، ص: 245
[39] النصوص الأدبية: نوري حمودي علي و آخرون، دارالحرية، بغداد، ط 1، 1979م، ص: 57
[40] تاريخ الأدب العربي: أحمد حسن الزيات، دارالمعرفة، بيروت، ط 11، 2007م، ص: 314
[41] في الأدب الحديث: عمرالدسوقي، دارالفکر، القاهرة، ط 8، 1973م، ج:1،ص: 340 وما بعدها
[42] الأدب العربي من الانحدار إلي الازدهار: جودت الرکابي، دارالفکر، دمشق، ط 2، 1996م، ص: 327 ـ 328
[43] في الأدب الحديث، ص: 325 وما بعدها
[44] المقدمة في نقد النثر العربي: علي حب اللَّه، دارالهادي، بيروت، ط 1، 2001م، ص: 225 ـ
- منتدى وادي الطاقة 2011 ©-
سهام وادي الطاقة- عضو دهبي
- عدد المساهمات : 1791
نقاط : 33893
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 11/04/2009
Oued Taga - وادي الطاقة :: منتدى التعليم الثانوي :: منتدى السنة اولى ثانوي 1AS :: المواد الأدبية و اللغات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى