Oued Taga - وادي الطاقة
الى زائر و عضو المنتدى لا تغادر المنتدى قبل ان تترك لنا اثرا من ثقافتك... شارك بتعليق بعبارة بجملة بكلمة واترك أثرك - ساهـم برائيك من أجـل رقي المنتدى

اختر اي قسم او موضوع واترك بصمتك به
وشكرا





انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Oued Taga - وادي الطاقة
الى زائر و عضو المنتدى لا تغادر المنتدى قبل ان تترك لنا اثرا من ثقافتك... شارك بتعليق بعبارة بجملة بكلمة واترك أثرك - ساهـم برائيك من أجـل رقي المنتدى

اختر اي قسم او موضوع واترك بصمتك به
وشكرا



Oued Taga - وادي الطاقة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مكتبة الصور


 قصة الإسلام في بلاد المغرب  Empty
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 458 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 458 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 4:07 pm
التسجيل السريع



قصة الإسلام في بلاد المغرب

اذهب الى الأسفل

 قصة الإسلام في بلاد المغرب  Empty قصة الإسلام في بلاد المغرب

مُساهمة من طرف Ø¨Ø³Ù…Ø© الأحد أبريل 01, 2012 6:02 pm

قصة الإسلام
المقصود بالمغرب هي المناطق التي تمتد من الحدود الغربية لمصر، وحتى شواطئ المحيط الأطلسي، سكنها البربر وسيطر عليها البيزنطيون، وقد احتل الرومان المغرب، ثم جاء الإسلام وتم الفتح في عصر عمر بن الخطاب ومَنْ بعده، وكان لفتنة عثمان بن عفان أثر في مواصلة الفتح، فبعد فتح مصر وليبيا، تم إنشاء مدن منها مدينة تونس ودار صناعة السفن بها، ومدينة القيروان، ثم ظهر عصر الولاة عصر التقلبات السياسية، ثم ظهرت الدول المحلية كالأغالبة والأدارسة والعُبيديين، وقد انتشر المذهب المالكي في المغرب الإسلامي.

ولم يستقر أمر ولاة إفريقيا في عصر بني أمية فسيطر الخوارج الصفرية على المغرب الأقصى، وظهرت الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وشهد العصر العباسي تقلص سلطة الخلافة على الولايات؛ وظهرت الفتنة الكبرى، فاستقلت الولايات الإفريقية وصارت دولاً مستقلة؛ مثل: دولة بني مدرار في سجلماسة، والدولة الرستمية في تاهرت، ودولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، ودولة الأغالبة في تونس.

وظهر المرابطون في صحراء موريتانيا، وكان من مبادئهم إبقاء عقيدة الأمة نقية، وتوحيد المغرب، وحماية الأمة من المفسدين، وحفظ الشريعة، وإعداد الأمة إعدادًا جهاديًّا، وكان من حكامها يوسف بن تاشفين فاستنجد به أمراء الطوائف بالأندلس، فمنحهم الله النصر في موقعة الزَّلاَّقة، وبعد سنوات ضَمَّ الأندلس إليه للحفاظ على المسلمين هناك.

وبعد عهد يوسف بن تاشفين ضعف المرابطون، لانغماسهم في الملذات، وانحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي، والتعصب المذهبي، وحلول الجفاف بالأندلس والمغرب، وانتشار الأوبئة، وظهور الموحدين على يد محمد بن تومرت.

وعندما تولَّى أبو يوسف يعقوب الموحدي كان عهده العصر الذهبي لدولة الموحدين، ثم بدأ عصر الضعف من جرَّاء ظلمهم وسفكهم للدماء، وثورات الأعراب والأندلسيين عليهم، والنزاع على الخلافة بينهم، والانهيار العسكري، والانغماس في الشهوات، وتقلُّص الدولة في إفريقيا والمغرب والأندلس، فقامت دولة الحفصيين في تونس، ودولة بني عبد الواد في تلمسان، وحُكْم بني مرين في المغرب الأقصى، واحتل البرتغاليون شواطئ المغرب، فظهر السعديون بقيادة القائم بأمر الله، فأنهى حكم بني وطاس، وانتصر على البرتغاليين، وكان العثمانيون يدعمون السعديين، فأوقعوا بينهما، فضم العثمانيون المغرب الأقصى إليهم، وازداد النفوذ اليهودي في الدولة العثمانية، ومع ضعف الدولة العثمانية برزت الأسرة القرمانية في ليبيا.

وكان الاحتلال البرتغالي لتعقب المسلمين وتطويق العالم الإسلامي واستعانوا في ذلك بالحبشة فظهرت الكشوف الجغرافية وتلاها الاستعمار الأوربي للقارة، فظهرت المقاومة الإسلامية في مواجهة الاحتلال حتى نالت استقلالها؛ كما في ليبيا بقيادة الشيخ أحمد السنوسي ومعه الشيخ عمر المختار، والجزائر بقيادة محيي الدين الحسني، والمغرب بقيادة الشيخ الهبة ابن الشيخ ماء العينيين، وغيرهم.

شمال إفريقيا والبربر
يرادف لفظ أو مصطلح "المغرب" اصطلاح "شمال إفريقيا"، والذي استعمله الجغرافيون والمؤرِّخون عند الحديث عن المناطق التي تمتد من الحدود الغربية لمصر، وحتى شواطئ المحيط الأطلسي.
وكانت بلاد المغرب الأدنى تضم برقة، وطرابلس وتمتد غربًا حتى بجاية أو تاهرت، وقاعدتها مدينة القيروان. أما بلاد المغرب الأوسط فتضم المنطقة الممتدة من تاهرت وحتى وادي ملوية وجبال تازة غربًا، وقاعدتها تلمسان وجزائر بني مزغنة. وأما المغرب الأقصى فيمتد من وادي ملوية وحتى مدينة أسفى على المحيط الأطلسي وجبال درن جنوبًا[1].

وكان المغرب موطنًا لصنفين من البشر، هما:
1- البربر: وهم أهل الإقليم.
2- البيزنطيون: وهم المحتلون للإقليم، وكان تركزهم في المناطق الساحلية أكثر من وجودهم داخل البلاد[2].

يجب أن نتعرَّف بدايةً على صفات الشخصية البربرية؛ لكي نستطيع تفسير ما جرى في أحداث الفتح من مقاومة شديدة من قِبَل البربر للإسلام، ثم اندفاعة البربر بعد إسلامهم نحو الفتوح بكل قوة.
فالبربر يصفهم ابن خلدون بأنهم مرهوبو الجانب، شديدو البأس، تخلقوا بالفضائل الإنسانية من خلق وعز وكرم[3].

ومفتاح شخصية هذا البربري هو تمسكه بحريته، يدافع عنها بإصرار، وتاريخه يُنبئ عن هذا، ومقاومته ضد الرومان والبيزنطيين نجحت أحيانًا في بعض المناطق، فتأسست على أساسها دويلات بربرية مستقلة، ولم يُثنِ البربر عن ثورتهم طوال فترة الثورة التضحياتُ بالروح والمال.

تاريخ المغرب قبل الإسلام وبعده
تشتمل قصة المغرب على عدة عصور؛ إذ كانت محتلة من قِبَل الرومان قبل الفتح الإسلامي، أما بعد ذلك فكان هناك عصر الفتح الإسلامي، والذي امتد من سنة 21هـ إلى سنة 98هـ، بينما بدأ عصر الولاة من 98هـ إلى ما بين 144- 184هـ حسب اختلاف الولايات، ثم عصر الدول المحلية كالأغالبة، والأدارسة، والعُبيديين (الذين انتسبوا زورًا للسيدة فاطمة رضي الله عنها، وسموا أنفسهم الفاطميين)، ثم دولة المرابطين، فالموحدين، والدولة الحفصية، والرُّستمية، والمرينية وغيرها، حتى وقعت الدول المغربية تحت الاحتلال الأجنبي في القرن التاسع عشر.

يُعتَبر عصر الفتح عصر جهاد دائم ومستمر، واجه فيه المسلمون انتفاضات البربر المستمرة بزعامة الكاهنة، كما واجهوا الروم، وانتصروا عليهم، حتى استقر الأمر للمسلمين، وقد تمَّ فتح المغرب - منذ بدايته حتى استقرار الإسلام به - خلال فترة حُكم عدد من الخلفاء، هم:
1-عمر بن الخطاب.
2- عثمان بن عفان.
3- علي بن أبي طالب.
4- معاوية بن أبي سفيان.
5- عبد الملك بن مروان.
6- الوليد بن عبد الملك.

وكان القادة الكبار الذين تولوا تبعاته، هم:
أولاً: قادة فتح ليبيا:
1- عمرو بن العاص.
2- عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
3- معاوية بن حديج.
4- بسر بن أبي أرطاة العامري.
5- عبد الله بن الزبير بن العوام.
ثانيًا: قادة فتح تونس:
1- عبد الملك بن مروان.
2- رويفع بن ثابت الأنصاري.
ثالثًا: قادة فتح الجزائر:
1- أبو المهاجر دينار.
2- عقبة بن نافع الفهري.
3- زهير بن قيس البلوي.
4- حسان بن النعمان الغساني.
رابعًا: قادة فتح المغرب:
1- عقبة بن نافع الفهري.
2- حسان بن النعمان الغساني.
3- موسى بن نصير اللخمي.

وكان عصر الولاة عصر تقلبات سياسية، وانتفاضات بربرية، ثم أتى عصر الدول المحلية التي انفصلت عن الخلافة العباسية، وكان منها دول شيعية، وأخرى خارجية، وثالثة سُنية.

تطلع أهل ليبيا للخلاص الإسلامي
نبدأ قصة المغرب من عصر الفتوح؛ إذ سبق الفتح الإسلامي للمغرب إرهاصات وأحداث وقضايا سياسية، ونزاعات عرقية وثورات محلية في مدينتي برقة وطرابلس، كان لها أثر بالغ في تغيير مجريات الأحداث السياسية والدينية في المنطقة، وتهيئة نفوس أهالي ليبيا لقبول الإسلام؛ حيث إنهم كانت قد بلغتهم أخبار فتح المسلمين لبلاد الشام ومصر، فتطلعوا إلى الخلاص على أيدي المسلمين من أولئك البيزنطيين وحكمهم الجائر التعسفي.

لذلك حاول نفر من أهالي ليبيا التمرد على نظام الإمبراطورية البيزنطية والخروج إلى ناحية مصر، حتى يلتقوا بقائد الجيوش المسلمة عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان يومئذٍ حاكم مصر، وما أن وصل هؤلاء النفر حتى أعلنوا إسلامهم ودخلوا في دين الله سبحانه، وأعطوا ولاءهم لقيادة المسلمين بقيادة عمرو بن العاص، نيابة عن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه[4].

ولما كان الحال في المغرب كذلك، فقد قرَّر عمرو بن العاص رضي الله عنه أن يضع إستراتيجية أمنية وقائية لمصر من الناحية الغربية؛ حتى يأمن شرَّ الروم القاطنين ناحية برقة وطرابلس، بعد أن أمن فتوحاته الشامية، وذلك بفتحه الإسكندرية.

كما قرَّر عمرو بن العاص رضي الله عنه إرسال عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنه في سنة 22 هـ/ 642م - على الأرجح بعد استئذان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - كمقدمة استطلاعية لفتح المغرب، فافتتح عقبة زويلة صلحًا.

وفي نفس العام سار عمرو بن العاص بنفسه من مصر حتى بلغ برقة، وكانت تنزلها بعض بطون من قبائل لتوانة وزواغة، وكانت هذه القبائل ساخطة على البيزنطيين لما كانوا عليه من الظلم والعسف وجباية الضرائب منهم، فصالحوا المسلمين على الجزية، وكان أهلها يرسلون ما عليهم من الأموال إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث[5].

وفي نفس السنة (22 هـ/ 642م) وصل عمرو بن العاص إلى مدينة أجدابية فافتتحها صلحًا على أن يدفع أهلها خمسة آلاف دينار، ولكن ما لبثوا على دفع الجزية إلا قليلاً، حتى أسلم معظم أهلها بعد أن رأوا من الفاتحين من العدالة والمساواة والصدق والأمانة والطهارة والعفة ما لم يروه من قبل في جيوش تلك الإمبراطوريات الهالكة[6].

بعد وفاة عمر رضي الله عنه تولى عثمان رضي الله عنه، وكان من أهم أعماله أنه عمل على توطيد نفوذ المسلمين في كثير من البلاد التي تمَّ فتحها من قبل، كما نجح ولاته في ضم مناطق جديدة إلى حوزة الدولة الإسلامية.

وحين تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه خلافة المسلمين عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر سنة (26 هـ/ 646م) وعقدها لعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطلب عبد الله بن سعد بن أبي سرح الإذن من عثمان رضي الله عنه لاستكمال الفتوح في إفريقيا.

الفتنة تؤخر الفتوح الإفريقية
كان لا بد أن تؤثر فتنة عثمان رضي الله عنه وما تلاها من أحداث في نشاط الفتوح الإسلامية؛ إذ لم يكن من الميسور للقادة والجند أن يستمروا فيما كانوا آخذين فيه من فتوح بعد أن شبت نيران هذه الفتنة، ولا شك أن الأمداد قد انقطعت عنهم، وتوقعوا أن تحول حروب الداخل دون إرسال الجند إلى الأطراف فتركوا ما بأيديهم، ولبث بعضهم حيث هو ينتظر نتيجة الصراع المحتدم، وعاد البعض الآخر إلى الحجاز والشام ليسهم في هذه الأحداث[7]. لقد شغل المسلمون عن إفريقيا والفتوح عامة بسبب فتنة عثمان رضي الله عنه ، ثم الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، ولم يتجدد نشاط الفتوح مرة أخرى إلا بعد استقرار الأمر لمعاوية سنة 41 هـ/ 661م[8].

نشطت حركة الفتوح خلال عصر الدولة الأموية، وبدأ المسلمون يمارسون دورهم الحضاري في النهضة بأمر البربر، مع ترسيخ الوجود الإسلامي في المغرب، وقد كان من مظاهر ذلك:
1- إنشاء المدن والعناية بها:
بناء تونس:
اختط هذه المدينة القائد حسان بن النعمان الغساني عام 82هـ؛ لتكون قاعدة عسكرية بحرية، ولتحول دون تكرار البيزنطيين الهجوم على قرطاجة عام 78هـ[9]. بنى حسان بن النعمان مدينة تونس على أنقاض قرية قديمة عرفت باسم ترشيش القديمة[10]، وإنما سميت تونس في أيام الإسلام لوجود صومعة الراهب، وكانت سرايا المسلمين تنزل بإزاء صومعته، وتأنس لصوت الراهب، فيقولون: هذه الصومعة تؤنس؛ فلزمها هذا الاسم فسميت باسم تونس[11]. واختط حسان تونس غربي البحر المتوسط بنحو عشرة أميال[12]، فقام بحفر قناة تصل المدينة بالبحر لتكون ميناء بحريًّا ومركزًا للأسطول الإسلامي بعد أن أنشأ فيها صناعة المراكب[13]، بخبراء في هذه الصناعة زوده بها والي مصر عبد العزيز بن مروان بناءً على توجيه الخليفة عبد الملك[14]. وقد بنيت مدينة تونس طبقًا لأهداف سياسية إستراتيجية، وأهداف اقتصادية اجتماعية تبناها الخليفة عبد الملك.

أمّا الأهداف السياسية البعيدة المدى، فيتضح ذلك بوضع حد لاعتداءات الروم والمتمثلة بإغارتهم على الساحل الإفريقي، والسبيل الأمثل هو إيجاد قاعدة بحرية، وصناعة بحرية قادرة على إنشاء أسطوله مهمته صد العدوان الرومي بادئ الأمر، ثم الانتقال من مرحلة التصدي إلى الغزو والفتح فيما بعد، وقد تمثل تطبيق هذه المرحلة من قبل الخليفة عبد الملك فقام بالإيعاز لشقيقه والي مصر عبد العزيز بن مروان، لإرسال ألفي قبطي من مهرة الصناع لإقامة صناعة مراكب بحرية، وقام هؤلاء بالمهمة الموكلة إليهم خير قيام.

وأما الهدف الثاني: فيتمثل بإيجاد حياة اجتماعية بإيجاد المؤسسات القادرة على خدمة الأفراد، فأقام في المدينة المسجد الجامع، ودار الإمارة، وثكنات للجند للمرابطة، وأخذ يقوم بتدوين الدواوين[15]، وتنظيم الخراج والعناية بالدعوة الإسلامية بين البربر، فقام بإرسال الفقهاء ليعلموهم اللغة العربية والدين الإسلامي[16]، وصارت المدينة معسكرًا حربيًّا في البداية، ومركز استيطان وإدارة لدعم الفتوحات، وأخيرًا مركزًا حضاريًّا ومركز إشعاع فكري وعلمي وثقافي[17].

وهكذا رسخ الخليفة عبد الملك بن مروان أقدام الدولة الأموية بتأسيس مدينة تونس، وقطع دابر الغارات اليبزنطية بإيجاد مدينة إسلامية مرتبطة بالأهداف العليا للدولة[18].

القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب
لم تبدأ الحياة العلمية المركَّزة إلا بعد تأسيس القيروان سنة 50هـ، فسرعان ما أصبحت القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب وعاصمته العلمية، منها انطلق الدعاة وإليها رحل طلاب العلم من الآفاق. ولا شك أن الصحابة الذين كانوا في جيش عقبة قد جلسوا للتدريس فيه على النمط الموجود في مدن المشرق آنذاك، فقد كان مع عقبة أثناء تأسيس القيروان ثمانية عشر صحابيًّا[19]، وقد مكثوا فيها خمس سنوات كاملة كان عملهم فيها - ولا شك - نشر اللغة العربية، وتعليم القرآن والسنة في جامع القيروان، وذلك أثناء بناء مدينة القيروان، حيث لم تكن هناك غزوات كبيرة تتطلب غيابًا طويلاً عن القيروان، أمّا في غزوة عقبة الثانية فقد كان معه خمسة وعشرون صحابيًّا[20]، وسائر جيشه من التابعين.

ولقد استقطبت القيروان أعدادًا هائلة من البربر المسلمين الذين جاءوا لتعلم الدين الجديد، قال ابن خلدون عند حديثه عن عقبة: "فدخل إفريقية وانضاف إليه مسلمة البربر، فكبُرَ جمعُه، ودخل أكثر البربر في الإسلام ورسخ الدين[21]، ولا شك أن الفاتحين قد خصصوا لهم من يقوم بهذه المهمة"[22].

ومن القيروان انتشر الإسلام في سائر بلاد المغرب، فقد بنى عقبة بالمغربين الأقصى والأوسط عدة مساجد لنشر الإسلام بين البربر، كما ترك صاحبه شاكرًا في بعض مدن المغرب الأوسط لتعليم البربر الإسلام[23]، ولما جاء أبو المهاجر دينار لولاية إفريقيا تألَّف كُسيلة وقومه وأحسن إلى البربر، فدخلوا في دين الله أفواجًا ودعّم حسان بن النعمان - فيما بعد - جهود عقبة في نشر الإسلام بين البربر حيث خصّص ثلاثة عشر فقيهًا من التابعين لتعليم البربر العربية والفقه ومبادئ الإسلام[24]، وواصل موسى بن نُصير هذه المهمة حيث: أمر العرب أن يعلّموا البربر القرآن، وأن يفقّهوهم في الدِّين[25]، وترك في المغرب الأقصى سبعة وعشرين فقيهًا لتعليم أهله[26].

2- إنشاء دار صناعة السفن بتونس:
عزَّزت الدولة الأموية القوة العسكرية بإنشاء سلاح البحرية، وأقامت دارًا لصناعة السفن في تونس، وزودت هذه الدار بما يلزمها من المواد والصناع[27].

3- التوسع في الصناعات الحربية:
توسعت هذه الصناعة في عهد عبد الملك بن مروان وفتح دارًا بتونس لصناعة السفن الحربية، وكانت نواة تلك الدار ألف عامل متخصص في صناعة السفن تم نقلهم من دار الصناعة - المنطقة الصناعية - بمصر، وقد تم وضع التنظيم اللازم وطريقة إمداد تلك الدار بالأخشاب من الغابات الإفريقية الداخلية، واختيار جماعات من البربر من سكان تلك المناطق للقيام بتلك المهمة، حيث هم أخبر الناس بمناطق وجود الأخشاب الجيدة الملائمة لتلك الصناعة[28].

وفي إرسال دار الصناعة بمصر لألف عامل ليكونوا نواة التصنيع بتونس، ما يدل على مدى تطور تلك الصناعة بمصر وكبر حجمها. وفي تطور لاحق لصناعة السفن الحربية بتونس، قام والي تونس بتوسيع دار الصناعة بها؛ فشق قناة بين الميناء وبين المدينة بطول اثني عشر ميلاً[29]، وشكلت هذه القناة ما يماثل اليوم أحواض بناء السفن أو الأحواض الجافة[30]، وأصبحت مناطق دور صناعة السفن الحربية مناطق جذب سكاني[31].

عصر الولاة
عرف المغرب بداية عصر الولاة بدءًا من عام 98هـ، والذي كان عصر قلاقل واضطرابات، وقد بدأت تلك الاضطرابات بعدما اختار سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم واليًا على إفريقية، وكان شديدًا كالحجّاج، وأراد أن يسير فيهم سيرة الحجّاج في أهل العراق؛ فكانت النتيجة أن قتلوه، ومن بعدها لم يستقر أمر ولاة إفريقية في عصر بني أمية، وشهد المغرب الفتنة المغربية الكبرى التي تضخمت في العصر العباسي، حتى وصلت إلى استقلال الولايات الإفريقية، وإقامة دول مستقلة فيها.
لقد سيطر الخوارج على المغرب في أواخر عهد الدولة الأموية، وسار إليهم محمد بن الأشعث فدخل إفريقية وفيها عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري يقاتل الخوارج[32].

فقد برزت الخوارج الصفرية في المغرب الأقصى وسيطرت عليه، وظهرت الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وأخضعت أجزاءً واسعة لنفوذها، وكان عبد الرحمن بن حبيب يقاتل الخوارج عندما قامت الدولة العباسية[33].

وفي عام 155هـ جاء يزيد بن أبي حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة واليًا على إفريقية فانتصر على الخوارج الإباضية والصفرية، واستطاع أن يفرض نفوذ العباسيين في المغرب قبل نهاية حكم المنصور، وبقي يزيد بن حاتم في المغرب حتى عام 170هـ[34].

ثم سادت الاضطرابات في إفريقية اعتبارًا من عام 171 هـ/ 787م بفعل خروج الخوارج وقادة الجند والبربر؛ فأرسل الرشيد هرثمة بن أعين واليًا على إفريقية، وأمره بقمع الانتفاضات وتوطيد الأمن، فنجح في مهمته ودخل القيروان وأمَّن الناس.

ويبدو أن الخلافات بين الفئات الإسلامية المتعددة كانت واسعة فتجددت القلاقل، ولم يتمكن هرثمة من رأب الصدع، فعزله الخليفة بناءً على طلبه في عام 180 هـ/ 796م، كما لم يتمكن الولاة الذين جاءوا من بعده من السيطرة على الموقف، فاستغل إبراهيم بن الأغلب عامل إقليم الزاب (في الجزائر اليوم) هذه الأوضاع القلقة، وطلب من الخليفة توليته على إفريقية ووعده بتهدئة الوضع، استجاب الخليفة لطلبه، وعهد إليه بالولاية على إفريقية في عام 184 هـ/ 800 م[35]، ونجح إبراهيم في تحقيق الاستقرار متبعًا في ذلك سياسة معتدلة، وازدهرت إفريقية في عهده وشهدت حركة عمرانية واسعة ونشاطًا اقتصاديًّا كبيرًا، وقد مهَّد إبراهيم بهذا لقيام دولة الأغالبة التي ما لبثت أن استقلت عن الإدارة المركزية في بغداد، واتخذت القيروان حاضرة لها[36].

لقد شهد العصر العباسي تقلص سلطة الخلافة عن الولايات؛ مما مهَّد السبيل لكل ناقم على الدولة، أو مخالف لها لأن يقيم دولته الوراثية الخاصة في أطراف الخلافة، وقد كان من هؤلاء إبرهيم بن الأغلب الذي أقام دولة الأغالبة، ولكن بموافقة الخلافة العباسية.

وهذه نماذج لبعض الدول المحلية:
دولة بني مدرار في سجلماسة (140 ـ 349هـ/ 757 ـ 960م):
توفي أبو القاسم سمكو مؤسس دولة الخوارج الصفرية في سجلماسة (جنوب المغرب) عام 168هـ، وخلفه ابنه إلياس بن أبي القاسم والذي عرف باسم "أبو الوزير"، واستمرت أيامه حتى عام 174هـ، وخلفه أخوه اليسع بن أبي القاسم، وبقي في حكم هذه الدولة حتى عام 208هـ، وقد عرف باسم "أبو المنصور"، وقد ثارت الإباضية في أيامه في وادي درعة، ولكنه قضى على ثورتهم وبطش بهم.

وكما هادن الإباضيون ولاة العباسيين في القيروان، كذلك هادنهم الصفرية الذين اتجهوا نحو أوضاعهم الداخلية والاقتصادية حيث كانوا تجارًا بين الشمال والجنوب عبر الصحراء، وكذلك فقد جعلوا الحكم وراثيًّا كالإباضيين[37].

كانت الصفرية والإباضية من أكثر المذاهب الخارجية المنتشرة بالمغرب، وإنهما من أكثر مذاهب الخوارج تسامحًا واعتدالاً مع مخالفيهم في الرأي، إذا ما قورنوا بفرق الأزارقة والحرورية في المشرق؛ لأن الصفرية والإباضية لم ترضيا إباحة دماء المسلمين، أو جواز سبي النساء والذرية، ولا يريان قتال أحد من الناس سوى جيش السلطان[38]، فلم يكفروا القاعدين عن القتال، ولم يُسقطوا الرجم، ولم يحكموا بقتل أطفال المشركين وتكفيرهم وتخليدهم في النار، ومرتكب الكبيرة عندهم عاصٍ وليس كافرًا مشركًا[39].

الدولة الرستمية في تاهرت (144 ـ 296 هـ / 761 ـ 908 م):
قامت دولة للخوارج الإباضية في تاهرت (غرب الجزائر) إذ أسسوا هذه المدينة عام 161هـ، وأصبح عبد الرحمن بن رستم إمامًا لهذه الدولة، وقد هادن ولاة القيروان[40]. وبعد وفاته عام 171هـ، خلفه ابنه عبد الوهاب واستمر حكمه إلى ما بعد هارون الرشيد، وقد هادن ولاة إفريقية من قبل العباسيين، وقد لقي عبد الوهاب حركات ضده بسبب مخالفته للمذهب الإباضي الذي لا يقبل بالحكم الوراثي، وإنما يكون الرأي في اختيار الحاكم لأهل الحل والعقد، أما عبد الوهاب فقد تسلم الحكم من أبيه رغم وجود من هو أفضل منه وأكثر علمًا؛ لذا فقد قامت حركة قادها يزيد بن فندين وعرفت بالنُكّار، أي الذين ينكرون تصرف ولي الأمر بالحكم[41].

وعقيدة الإباضية تتفق مع أهل السنة في الكثير، وتختلف في القليل، فهم يعترفون بالقرآن والحديث كمصدر للعلوم الدينية، ويقولون بالرأي، ويأخذون بالإجماع.

ولعل أهم خلاف بينهم وبين السنة قولهم بالتنزيه المطلق؛ ولذلك فإنهم يقولون: إن رؤية الله منفية في الدنيا والآخرة. ويقولون أيضًا: إن الوعد والوعيد لا يتخلفان، بمعنى أن وعيد الله لا يتخلف، فمن دخل النار فهو خالد فيها، والمذنب تطهره التوبة، ولا يدخل السعيد النار[42].

دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى (مراكش) (172 ـ 375 هـ / 788 ـ 985م):
فرَّ إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من الحجاز، وقد نجا من موقعة فخ عام 169هـ / 785م، إلى المغرب الأقصى حيث استطاع أن يؤسس دولة مستقلة عن الخلافة العباسية عام 172هـ، وبنى في المكان المعروف باسم جراوة مدينة فاس، واتخذها عاصمة له، واستمر في حكمه حتى توفي مسمومًا عام 177هـ، فخلفه ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه عندما مات أبوه، وقام بشئون البربر مولى أبيه راشد، فلما قتل راشد كفل إدريس أبو خالد العبدي، حتى كبر فتولى الأمر عام 188هـ، وبنى مدينة العالية وهي مقابل مدينة فاس[43].

ومن أشهر أمراء الأدارسة إدريس الثاني (177 ـ 213 هـ)، علي بن عمر بن إدريس الثاني (221 ـ 234 هـ)، ويحيى الرابع بن إدريس بن عمر (292 ـ 310 هـ)[44].

دولة الأغالبة في المغرب الأدنى (تونس) (184 ـ 296 هـ / 800 ـ 909 م):
ذكرنا أنه في عام 184 هـ ولَّى الخليفة هارون الرشيد إمارة إفريقية لإبراهيم بن الأغلب، ومنذ أن تولى إبراهيم الإمارة بدأ يعمل على تأسيس دولة له ولأبنائه من بعده.

عرف الرشيد رغبة إبراهيم بن الأغلب، ومع ذلك فقد استبقاه في الإمارة بل ودعمه ما دام يعمل باسم العباسيين، وخاصة أن الرشيد كان مشغولاً بحرب الروم، وهجوم الخزر، ومشكلات المشرق، وفي الوقت نفسه يريد أن يحمي الأجزاء الغربية من الإمارات التي قامت في المغرب والأندلس من خوارج وأدارسة وأمويين، ولم يكن لدى الرشيد أسطول يحمي أقاليم البحر المتوسط فاكتفى بالإشراف على دولة إبراهيم بن الأغلب، ورأى ذلك خيرًا وأفضل من أن يخرجوا من إشرافه نهائيًّا كباقي الإمارات[45].

ومن أشهر أمراء دولة الأغالبة إبراهيم بن الأغلب (184 ـ 196هـ)، وعبد الله الأول (196 ـ 201 هـ)، وزيادة الله الأول (201 ـ 223 هـ)، ومحمد الأول أبو العباس (226 ـ 242 هـ)[46].

دولة المرابطين ومبادئهم
في صحراء موريتانيا البلد الإسلامي الكبير، وبالتحديد في الجنوب القاحل حيث الصحراء الممتدة، والجدب المقفر، والحرّ الشديد، كانت تعيش بعض قبائل البربر، ومن قبائل البربر الكبيرة كانت قبيلة "صنهاجة"، وكانت قبيلتا "جُدَالَة ولَمْتُونة" أكبر فرعين في "صنهاجة".

كانت "جُدَالة" تقطن جنوب موريتانيا، وكانت قد دخلت في الإسلام منذ قرون، وكان على رأس جدالة رئيسهم يحيى بن إبراهيم الجدالي، وكان لهذا الرجل فطرة سويّة وأخلاق حَسَنة.

نظر يحيى بن إبراهيم في قبيلته فوجد أمورًا عجيبة، فقد أدمنوا الخمور، وألِفوا الزنا، فقد فشا الزنا بشكل مريع في جنوب موريتانيا في ذلك الزمن، وكثر الزواج من أكثر من أربعة، والناس ما زالوا مسلمين ولا ينكر عليهم أحد ما يفعلونه، فالسلب والنهب هو العرف السائد، القبائل مشتتة ومفرقة، القبيلة القوية تأكل الضعيفة[47].

كان يحيى بن إبراهيم الجُدالي صاحب الفطرة النقيّة يعلم أن كلّ ما يفعله قومه من المنكرات، لكنه لم يكن بمقدوره التغيير؛ فالشعب كله في ضلال وعمى، وبعيد كل البعد عن الدين، كما أن الرجل نفسه لا يملك من العلم ما يستطيع به أن يغيّر الناس.

وبعد حيْرة وتفكّر هداه ربُّه لأن يذهب إلى الحج، ثم وهو في طريق عودته يُعرّج على حاضرة الإسلام في المنطقة وهي مدينة القيروان (في تونس الآن)، فيكلّم علماءَها المشهورين بالعلم لعلّ واحدًا منهم أن يأتي معه فيُعلّم قبيلته الإسلام.

وبالفعل أكرمه الله عزَّ وجلَّ بالشيخ عبد الله بن ياسين (الزعيم الأول للمرابطين، وجامع شملهم، وصاحب الدعوة الإصلاحية فيهم، ت 451هـ/ 1059م) من شيوخ المالكية الكبار، الذي جاء معه، وأخذ يدعو الناس؛ فنفروا منه وضربوه، لكنه لم ييئس هو والأمير؛ فأقاما رباطًا يتعبدان فيه، فأخذ الناس يأتون إليهما طلبًا للهداية.

تجمع من التائبين عدد كبير منهم يحيى بن عمر اللمتوني زعيم لمتونة، ثم خَلَفَه بعد وفاته أبو بكر بن عمر، فانطلقوا بقيادة عبد الله بن ياسين الروحية، وقيادة يحيى بن عمر اللمتوني السياسية والعسكرية يدعون قومهم، ثم القبائل الأخرى التي كانت وثنية، أو عادت إلى الوثنية بعد أن كانت مسلمة؛ فمن قَبِل صار معهم، ومن عاند وعادى دعوة الحق حاربوه؛ حتى أقاموا دولة كبيرةً سُمِّيَت بالمرابطين؛ لأن ابن ياسين وجماعته كانوا يرابطون على نهر السنغال في خيام متأهبين للجهاد في سبيل الله تعالى.

وقد قامت دولة المرابطين على عدد من المبادئ، من أهمها:
أولاً ـ العمل على الإبقاء على عقيدة الأمة صافية نقية.
ثانيًا ـ توحيد المغرب تحت راية الخلافة الإسلامية.
ثالثًا ـ العمل على حماية الأمة من المفسدين والمحاربين.
رابعًا ـ العمل على حماية الأمة من أعداء الخارج.
خامسًا ـ حفظ ما وُضِعَت الشريعة لأجله.
سادسًا ـ إعداد الأمة إعدادًا جهاديًّا.
سابعًا ـ القيام على تحصيل الصدقات وأموال الزكاة والخراج والفيء.
ثامنًا ـ تحري الأمانة في اختيار المناصب.
تاسعًا ـ الإشراف المباشر على شئون الدولة[48].

ومات عبد الله بن ياسين مجاهدًا، ثم انطلق يحيى بن عمر مجاهدًا في أواسط إفريقيا وغربها، وترك ابن عمه يوسف بن تاشفين على قيادة دولة المرابطين؛ فوسعها، واتخذ الجهاد سبيلاً، حتى أقام دولةً عظيمةً للمرابطين، صار لديها خمسمائة ألف مقاتل.

كان عهد يوسف بن تاشفين عهد قوة للمرابطين؛ حيث استنجد به أمراء الطوائف بالأندلس ضد عدوهم الصليبي، فانتقل إليهم بسبعة آلاف مقاتل فقط، وتجمَّع لديه من المجاهدين المتطوعين بالأندلس ثلاثون ألفًا، ومنحهم الله عزَّ وجلَّ النصر على عدوهم في موقعة الزَّلاَّقة العظيمة، التي أُبِيد فيها جيش الصليبيين على بكرة أبيه، ثم بعد سنوات لما زاد تصارع أمراء الطوائف، ضم يوسف الأندلس إلى دولة المرابطين؛ لكي يحفظ الإسلام والمسلمين فيها.

أسباب سقوط المرابطين
بعد عهد يوسف بن تاشفين دخلت دولة المرابطين في انحراف عن مبادئها؛ مما أدخلها في عهد ضعفٍ انتهى بقيام دولة الموحدين على يد محمد بن تومرت، وكان فاسد العقيدة، فادَّعى أنه المهدي المنتظر، واستباح دماء المرابطين، وكانت الدماء يسيرةً عليه.

وقد كان من أهم أسباب سقوط دولة المرابطين:
أولاً- ظهور روح الدعة والانغماس في الملذات والشهوات عند حكام المرابطين وأمرائهم في أواخر عصر علي بن يوسف.
ثانيًا- ظهور السفور والاختلاط بين النساء والرجال.
ثالثًا- انحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي.
رابعًا- الضيق الفكري الذي أصاب فقهاء المرابطين وحجرهم على أفكار الناس، ومحاولة إلزامهم بفروع مذهب الإمام مالك وحده، وعملوا على منع بقية المذاهب السنية تعصبًا لمذهبهم.
خامسًا- فَقْد دولة المرابطين لكثير من قياداتها وعلمائها العظام أمثال سير بن أبي بكر، ومحمد بن مزدلي، ومحمد بن الحاج، وأبي إسحاق بن دانية، وأبي بكر بن واسينو.
سادسًا- الأزمة الاقتصادية الحادة التي مرت بها دولة المرابطين نتيجة لانحباس المطر لعدة سنوات، وحلول الجفاف والقحط بالأندلس والمغرب، وزاد من حدَّة الأزمة الاقتصادية أن أسراب الجراد هاجمت ما بقي من الأخضر على وجه البلاد؛ مما هيأ الظروف لانتشار مختلف الأوبئة بين كثير من السكان، ووقعت هذه الأزمة في الفترة الواقعة ما بين أعوام 524 - 530هـ .
سابعًا- الصدام المسلح بين دولة المرابطين وجيوش الموحدين[49].
بعد محمد بن تومرت تولى عدد من الحكام كان أبرزهم عبد المؤمن بن علي الذي كان عهده عهد قوة؛ إذ قام بمضاعفة القوة العسكرية، كما قام بنهضة عمرانية كبيرة.

استمر عهد قوة الموحدين بعد تولي أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي (554 - 595هـ/ 1160 - 1199م)، ويمثل عهده الذي امتد خمس عشرة سنةً العصر الذهبي لدولة الموحدين.

تولَّى أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي، وكان عمره خمسًا وعشرين سنةً فقط، وقد قام بالأمر أحسن ما يكون القيام، ورفع راية الجهاد، ونصب ميزان العدل، ونظر في أمور الدين والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن، واستطاع أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أن يغير كثيرًا من أسلوب السابقين له، فكان سمته الهدوء والسكينة والعدل والحلم، حتى إنه كان يقف ليقضي حاجة المرأة وحاجة الضعيف في قارعة الطريق، وكان يؤمُّ الناس في الصلوات الخمس، وكان زاهدًا يلبس الصوف الخشن من الثياب، وقد أقام الحدود حتى في أهله وعشيرته، فاستقامت الأحوال في البلاد وعظمت الفتوحات.

بلغت أعمال أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي الجليلة في دولته أوجها، حتى وصلت إلى أن حارب الخمور، واهتم بالطب والهندسة، وألغى المناظرات العقيمة التي كانت في أواخر عهد المرابطين وأوائل عهد الموحدين، وقد أسقط الديون عن الأفراد، وزاد كثيرًا في العطاء للعلماء، ومال إلى مذهب ابن حزم الظاهري لكنه لم يفرضه على الناس، ومن أجلِّ أعماله أنه تبرأ من أباطيل ابن تومرت.

وفي سنة 591 هـ/ 1195م انطلقت الجيوش الإسلامية من المغرب والصحراء وعبرت مضيق جبل طارق إلى بلاد الأندلس لتلتقي مع قوات الصليبيين الرابضة هناك في موقعة الأرك الخالدة التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا.

وبعد وفاة المنصور الموحدي سنة 595 هـ/ 1199م بدأت النهاية لدولة الموحدين.

أسباب سقوط دولة الموحدين
أولاً: ظلمهم الفظيع للمرابطين، وسفكهم للدماء، واعتداؤهم على الأموال، وسبيهم للنساء بدون وجه حق.
ثانيًا: ثورة بني غانية، وهم من بقايا المرابطين.
ثالثًا: ثورات الأعراب المتتالية.
رابعًا: ثورات الأندلس ضد دولة الموحدين.
خامسًا: النزاع على الخلافة بين الموحدين، ولم يستطيعوا أن يضعوا نظامًا ثابتًا لتولي الخلافة عندهم.
سادسًا: الانهيار العسكري الذي أصاب دولة الموحدين، وتغير أهداف الجيش الموحدي.
سابعًا: الترف والانغماس في الشهوات.
ثامنًا: تقلُّص أراضي الدولة في إفريقية والمغرب والأندلس.

البرتغاليون يحتلون شواطئ المغرب
قامت في بلاد المغرب على أنقاض دولة الموحدين عدة دول؛ وهي دولة الحفصيين في تونس، ودولة بني عبد الواد في تلمسان، وحكم بني مرين في المغرب الأقصى، ثم خلفهم عام 823هـ بنو وطاس، واستمر أمرهم حتى عام 916هـ، وفي أيامهم احتل البرتغاليون شواطئ المغرب، فضاق المسلمون بهذا التوسع الصليبي، وخاصة أن النصارى من أسبان وبرتغال قد طردوا المسلمين من الأندلس، ونكلوا بهم أشد تنكيل، فانطلقت هذه الجموع نحو المغرب، واتجهت الأنظار نحو شيخ السعديين أبي عبد الله محمد القائم بأمر الله، فأنهى حكم بني وطاس، وأعلن الجهاد، وقاتل البرتغاليين وانتصر عليهم، وأجلاهم عن المراكز التي بقوا في بعضها اثنتين وسبعين سنة، وبعد وفاة أبي عبد الله محمد خلفه ابنه أحمد الأعرج.

كان العثمانيون يدعمون السعديين ويحثونهم على قتال الصليبيين ويقدمون لهم المساعدات، ويشجعونهم على العمل معًا لاستعادة الأندلس، ولكن الصليبيين نجحوا في الإيقاع بين العثمانيين والسعديين.

هزيمة العثمانيين وضعف دول المغرب
وفي عام 961هـ ضم العثمانيون المغرب الأقصى، وخطب للسلطان العثماني على المنابر، ولكن لم يلبث العثمانيون أن خرجوا من المغرب أمام مقاومة السكان الذين شحنوا بكراهية العثمانيين نتيجة الدعاية الصليبية.

وعندما هزم العثمانيون عام 978هـ وتحطم أسطولهم تمامًا أمام أسطول إسبانيا والبندقية لم يعودوا يفكرون في دخول المغرب، وإن عدوها منطقة مواجهة مع الدول النصرانية[50].

وهذا الضعف أطمع النصارى في الأندلس فبدءوا ينزلون على سواحل المغرب واحتلوا عددًا من الموانئ، وتمركزوا في بعض المواقع، هذا إضافةً إلى بقية النصارى الذين اتجهوا إلى سواحل شمالي المغرب مثل فرسان مالطة الذين كانوا قد سيطروا على منطقة ليبيا، ثم جاء العثمانيون فاستطاعوا أن ينقذوا ما أمكنهم إنقاذه، حتى إذا ضعف أمرهم أيضًا مع مرور الزمن عاد الصليبيون فاحتلوا بلاد المغرب ثانية، وتقاسموا أرضه وخيراته[51].

بعد الضعف الذي أصاب دول المغرب احتل فرسان مالطة منطقة برقة في ليبيا، واحتل الإسبان طرابلس عام 916 هـ، وقد بقوا فيها حتى تمكن (طرغول) القائد البحري العثماني من دخولها عام 958 هـ، وقد حاولت إسبانيا احتلالها دون جدوى.

ومع ضعف الدولة العثمانية برزت الأسرة القرمانية التي فرضت سيطرتها على منطقة ليبيا، وإن كانت تخضع للدولة العثمانية إلا أنها كانت تتصرف تصرف المستقل منذ عام 1123هـ، ولكن الدولة العثمانية أنهت حكم الأسرة القرمانية عام 1251هـ، وعملت على تحسين الأوضاع الاقتصادية للسكان، ومع ذلك فلم تسلم المنطقة من محاولات تدخل الدول الأوروبية بحجة حماية الأقلية النصرانية[52].

زيادة النفوذ اليهودي
كانت الدولة العثمانية قد تساهلت مع اليهود، وسمحت لهم بالإقامة في المناطق التي تتبعها بعد طردهم من الأندلس، فأساءوا كثيرًا، وزادت أطماعهم وظهر جشعهم، فانتقلوا إلى الشمال الإفريقي، وبقية أرجاء الدولة العثمانية، وأقام منهم في ليبيا أكثر من ثمانمائة أسرة، وبدأ مركزهم يزيد نتيجة للتجارة، وتساهل والي ليبيا العثماني رجب باشا مع اليهود، وكان يرغب بإعطاء الأراضي لهم خوفًا من التوسع الإيطالي؛ ولهذا حرصت إيطاليا على طلب نقله من ليبيا ليلة الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني الخليفة العثماني، وقد عينه رجال الانقلاب من جماعة الاتحاد والترقي وزيرًا للحربية لكنه توفي يوم تعينه، وفقد اليهود نصيرهم فهو من جماعة الاتحاد والترقي وإن كان يعمل في السر. وكان لليهود دور كبير في الإطاحة بالخليفة العثماني ثم بالخلافة، وكان مشروع رجب باشا إسكان اليهود في منطقة الجبل الأخضر، وقد قامت دراسات كافية في هذا الشأن، ورغم الخلاف بين ما كان يخطط له رجب باشا وبين الطليان فإن اليهود قد دعموا الاحتلال الإيطالي لليبيا، وساعدوا على ارتكاب الأعمال الوحشية الإيطالية هناك[53].

اشتداد الصراع على دول المغرب
أمّا في تونس، ففي عام 1526م تولى أمر الدولة الحفصية الحسن الحفصي الذي كان يميل إلى ملك النمسا شارلكان، مما جعل السكان ينقمون عليه ويستنجدون بالعثمانيين، فاستدعى الخليفة العثماني سليمان القانوني أمير البحر خير الدين بربروس إلى إستانبول عام 940 هـ، وكلفه بإنشاء السفن الكافية والاستعداد لفتح تونس، فامتثل لطلب الخليفة العثماني، وقصد تونس عام 942 هـ، وأعلن للسكان أنه قادم لعزل السلطان مولاي الحسن الحفصي لصلته بالدول النصرانية وعلاقته بشارلكان، فاستقبله السكان ورحبوا به فاستولى بسهولة على تونس؛ فاستنجد السلطان الحسن الحفصي بالنصارى، فاتفق شارلكان مع البابا وأمراء إيطاليا، ورهبنة القديس حنا الأورشليمي في مالطة، وجهز أسطولاً كبيرًا، وانطلق بنفسه من برشلونة مع بعض الأمراء الإسبان، واستطاع أن يستولي على تونس، وأن يعيد السلطان الحفصي إلى حكمه، الذي أصبح خاضعًا له، وعندما دخل شارلكان تونس بعد حصار دام أكثر من شهر سمح لجنده أن يتصرفوا كما شاءوا فنهبوا وسلبوا وارتكبوا أبشع الأعمال الوحشية والمحرمات، ثم كتب معاهدة مع الحفصي كلها خزي، مما جعل السكان يكرهون سلطانهم بصورة أشد من كرههم له في السابق، وما أن غادر شارلكان تونس حتى عادت الفوضى السياسية.

تمكن الوالي العثماني طرغول في طرابلس أن يحتل قفصة عام 963هـ، ثم القيروان 965هـ، وأرسلت إسبانيا عام 968 هـ أسطولاً للحد من نشاطه لكنه تحطم، وفي سنة 981 هـ دخل سنان باشا تونس وبقي فيها العثمانيون بعد ذلك.

وعندما غادر سنان باشا تونس ترك فيها واليًا ممثلاً للخليفة اشتهر بلقب باي (بيلر باي)، ويساعده ديوان استشاري مؤلف من عسكريين يمثلون الفرق العسكرية هناك، ويلقب كل منهم بـ (الداي) إضافةً إلى موظف الشئون المالية، غير أن الدايات قد سيطروا على الباي منذ عام 999 هـ، وتفردوا بالسلطة حتى عام 1050 هـ، مع وجود الباي، وكان الدايات ينتخبون من بينهم الداي الذي يسند إليه الحكم.

احتلال الجزائر
وعندما احتلَّت فرنسا الجزائر عام 1245هـ احتجت الدولة العثمانية على ذلك، وأرادت أن تستعيد ولاية الجزائر بالمفاوضات السياسية غير أنها قد عجزت؛ فلجأت إلى الطريقة العسكرية فتخلصت من الأسرة القرمانية في ليبيا عام 1251 هـ، وأرادت أن تقضي على الأسرة الحسينية في تونس لتكون على مقربة من الجزائر، غير أن فرنسا قد هددت بذلك، وكلما اتجه الأسطول العثماني من ليبيا نحو تونس تحرك الأسطول الفرنسي من الجزائر نحو الشرق.
وكانت فرنسا تعامل بايات تونس كحكام مستقلين، وكان هذا يثير احتجاج الدولة العثمانية.
حاول الباي في تونس النهوض بالبلاد ولكنه اعتمد في ذلك على الديون الأجنبية، إذ كانت فرنسا تمده بالقروض، وهي تعلم أنه سيعجز عن سدها، وهذا ما يفسح لها المجال للتدخل في شئونه، وبالفعل لم يستطع السداد فأرسلت لجنة مالية لمراقبة المالية التونسية، وبعد مؤتمر برلين عام 1296هـ اعترفت فرنسا لإنجلترا بقبرص مقابل الاعتراف لها بتونس[54].

أمَّا في الجزائر، فبعد عام 940هـ كان الإسبان بالأندلس قد قوي أمرهم فبدءوا بالاستيلاء على موانئ البحر المتوسط الإفريقية، وزاد أملهم بحكم شمالي إفريقية، وأخذها من يد المسلمين، بعد الاستيلاء على غرناطة وطرد المسلمين من الأندلس نهائيًّا عام 898 هـ، وقامت سفن قراصنتهم تلاحق المسلمين الأندلسيين الذين فروا إلى شمالي إفريقية، فوجدت محاولة رد الفعل ضد الحقد الصليبي، وبدءوا يغيرون على سواحل الأندلس، وجاء العثمانيون بحرًا إلى المنطقة، ورحب المسلمون بهذا المجيء ترحيبًا كبيرًا ما دام القتال مستعرًا بين المسلمين والنصارى.

وبدأ المغيرون يمتلكون سفنًا خاصة يغيرون بها على خصومهم، ومن هؤلاء الأخوان: عروج وخير الدين، وتقرب عروج من السلطان الحفصي فدعمه وقدم له موانئه يتخذها قواعد له، وتمكن من الانتصار على الإسبان في عدد من المعارك البحرية، واستطاع أن يسترجع ميناء بجاية من الإسبان، وهذا ما رفع من شأنه فنقل مقره من تونس إلى ميناء صغير يقع إلى الشرق من مدينة الجزائر، وطلب منه حاكم مدينة الجزائر (سالم السالمي) أن يساعده ضد الغزو النصراني الإسباني فاستجاب لطلبه وصد هجومًا نصرانيًّا على الجزائر عام 922 هـ، ثم رأى تفرق الأمراء في المغرب الأوسط وخلاف بعضهم مع بعض فقرر أن يتخلص من هؤلاء الأمراء؛ لكي يتمكن من الوقوف أمام النصارى الأسبان، فبدأ بحاكم مدينة الجزائر فأنهى حكمه وتسلم مكانه، وأصبحت مدينة الجزائر قاعدته البحرية ومركز حكمه عام 923 هـ، ثم اتجه نحو الداخل ليستولي على الإمارات القائمة هناك، وكان أكبرها إمارة بني زيان في تلمسان، وأميرها (أبو حمو) ورعيته يكرهونه؛ لأنه يمد يده إلى النصارى الأسبان، فاتصلوا بعروج فسار إليهم ودخل مدينة تلمسان، غير أن (أبو حمو) اتصل بالأسبان بعد أن فر إليهم فجاءوا بقوة إلى تلمسان وتمكنوا من دخولها، وفتكوا بحاميتها، واستطاع عروج أن يفر، غير أن الأسبان قد لاحقوه وقتلوه.

فأكمل أخوه خير الدين جهاده ضد الصليبيين الأسبان، وفي عام 936هـ أصبحت منطقة المغرب الأوسط نيابة عثمانية، وعين الخليفة العثماني خير الدين قائدًا عامًّا للأسطول العثماني؛ مكافأة لما قام به من جهود في الوقوف ضد الصليبيين وخدمة الدولة العثمانية[55].

الحملات على إفريقيا
كان الاحتلال البرتغالي لبعض أجزاء إفريقيا يهدف إلى تعقب المسلمين الفارين من الأندلس بعد سقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين هناك سنة 1492م، كما كان يهدف إلى تطويق العالم الإسلامي واستنزاف ثرواته وقد استعانوا في ذلك بالمملكة المسيحية في الحبشة مما أدى إلى ما يسمى بالكشوف الجغرافية التي لم تكن في حقيقتها إلا صراع دموي مع الإمارات والممالك الإسلامية في شمال القارة وشرقها وغربها، وقد باركت البابوية هذا العمل العدائي ضد المسلمين؛ ولذلك سيرت إسبانيا والبرتغال الحملات إلى إفريقيا، وتلاها في ذلك باقي الدول الأوروبية كإنجلترا وفرنسا وغيرهما بقصد القضاء على حضارة المسلمين والتحكم في المناطق الإستراتيجية بالقارة بغية السيطرة على أجزائها لضمان الحصول على المواد الخام اللازمة للثورة الصناعية التي قامت في أوروبا، ولم يحدث في التاريخ أن استنزفت موارد قارة بشرية وطبيعية لصالح أوروبا مثل ما حدث لإفريقيا، كما لم يحدث في التاريخ عن قارة قسمت إلى أشلاء ودويلات قزمية بأيدي الأوروبيين مثل ما حدث في إفريقيا عقب مؤتمر التقسيم في برلين عام 1884- 1885م[56]، الذي حضره مندوبو أربع عشرة دولة هي: النمسا والمجر وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وروسيا وإسبانيا والسويد والنرويج وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا.

وبعد مناقشات بين الوفود تمت الموافقة النهائية على مواد الاحتلال الفعلي على أن تكون في فصل مستقل من المرسوم النهائي.

وهكذا تمَّ في مدينة برلين ومن دون حضور ممثلين عن الدول الإفريقية وضع أسس تقسيم القارة الإفريقية، ذلك التقسيم الذي لم يضع في الاعتبار توزيعات القبائل والعشائر، فحوَّل إفريقيا إلى وحدات قزمية صغيرة أصبحت الأساس للحدود الإفريقية الحالية[57].

المقاومة الإسلامية في مواجهة الاحتلال
ساءت أحوال بلاد المغرب في العصر الحديث؛ إذ تعرَّضت بلاده للاحتلال الغربي الذي دمَّر البلاد، وسفك الدماء، وانتهك الحُرُمات، وقسَّم البلاد على النحو الذي أقره الغرب الصليبي في مؤتمر برلين، ولكن قامت حركات مقاومة إسلامية في أغلبها، وقدمت ملايين الشهداء، حتى منَّ الله على هذه البلاد بالتحرير.

ففي عام 1911م تعرضت ليبيا للغزو الإيطالي فقاد المقاومة الإسلامية الشيخ أحمد السنوسي ومعه الشيخ عمر المختار، وعاشت ليبيا مأساة محزنة في ظل الاحتلال الإيطالي حيث اتبع الإيطاليون سياسة الإبادة، وقد بلغ عدد الشهداء الليبيين خلال السنوات العشر الأولى من الاحتلال حوالي سبعين ألف شهيد، وقد عومل السكان أسوأ معاملة فألقي بكثير منهم من الطائرات، وهتكت الأعراض، كما سيق العمال والمجندون إلى الخدمة مع الجيش الإيطالي في الحبشة والصحراء الغربية.
وبعد كفاح مرير ضد الاستعمار حصلت ليبيا على استقلالها عام 1951م[58].

أمَّا تونس، فبعد مؤتمر برلين عام 1296هـ اعترفت فرنسا لإنجلترا بقبرص مقابل الاعتراف لها بتونس. وفي عام 1298 هـ ادعت فرنسا أن قبيلة تونسية قد اعتدت على بعض المواقع الفرنسية، فجهزت حملة واستولت على تونس[59].

حاربت فرنسا اللغة العربية والفكر الإسلامي وفرضت تعليم اللغة الفرنسية، كما شجعت على التنصير وقامت بقطع المعونات عن المدارس الإسلامية حتى ضعفت وقضي على معظمها، وقد فرضت فرنسا الأحكام العرفية لأكثر من عشرين عامًا[60].

وفي 8 شعبان 1375 هـ/ 20 من مارس 1956م حصلت تونس على الاستقلال بعد جهاد طويل[61].

وفي الجزائر احتل الفرنسيون ميناء سيدي فرج بالقرب من مدينة الجزائر في عام 1830م، وبعد الاحتلال لم يستجب الجزائريون للفرنسة وإن كان قد قبلها اليهود الجزائريون، فبطشت الحكومة الفرنسية بمسلمي الجزائر، وحاربت لغتهم العربية والثقافة الإسلامية، وقامت بإغلاق المدارس الإسلامية والكتاتيب، وهدم المساجد وإلغاء القضاء الشرعي والاستيلاء على أموال الأوقاف، كما أهدرت حقوق الشعب وداست مقدساته، فقد دنس جنودها المساجد ونبشوا القبور وأعدموا شيوخًا من الصالحين وغير ذلك من الفظائع[62].

فظهرت الحركات الجهادية ضد المستعمر الفرنسي، ففي عام 1248 هـ/ 1830م قاد محيي الدين الحسني انتفاضة القبائل ضد الوجود الفرنسي، وبعد سنتين تولى القيادة ابنه البطل عبد القادر الجزائري وظل يقاومهم حتى أسر عام 1261 هـ/ 1847م، وبقي أسيرًا حتى عام 1301هـ / 1883م.
وفي عام 1288هـ / 1871م قاد حركة الجهاد محمد المقراني الذي انضم إليه مائة ألف مقاتل اكتسح بهم قوات فرنسا في منطقة كبيرة من الجزائر، ودارت بينهم وبين المجاهدين 340 معركة، استشهد فيها ستون ألف جزائري، وقتل عشرون ألف فرنس

بسمة
عضو دهبي
عضو دهبي

انثى عدد المساهمات : 3099
نقاط : 35040
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 12/07/2010
العمر : 32

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى