بحـث
مواضيع مماثلة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 193 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 193 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 4:07 pm
التسجيل السريع
// Visit our site at http://java.bdr130.net/ for more code
12>سلسلة أبطال البربر ( سانت أوغيستان ) ج 3
صفحة 1 من اصل 1
سلسلة أبطال البربر ( سانت أوغيستان ) ج 3
انتقل أغسطينوس بعد ذلك من روما إلى ميلانو حيث كان العمل في روما شاقاً وأصعب بكثير مما كان عليه في قرطاجة. فصار يعلم في ميلانو الخطاية والفصاحة سنة 384م. فعلمت أمه بوجوده في ميلانو فلحقت به إلى هناك وأصرت بإلحاح عليه أن ينفصل عن تلك المرأة التي كان يعاشرها والتي أنجب منها ابناً غير شرعي. وفي هذه الأثناء أطاع وعمل بكلامها وأبعد أم ابنه إلى الجزائر وأبقى ابنه معه، لكن الحالة هذه التي افترق بها عن أم ابنه لم ترقه. فطلبها وتزوجها بموجب القانون، فاختبر الفرق الشاسع بين المعاشرة غير الشرعية واقترانه بها بصورة شرعية.
اغيستان في ميلانو :
أود أن أتخطى قوة طبيعتي، لأرتفع تدريجياً إلى خالقي» أغسطينوس
قادت العناية الإلهية أغسطينوس إلى ميلانو، وهناك بدأت الأحداث في حياة أغسطينوس تأخذ منحى آخر. وبدأ اتجاهه يتحول دون أن يدري إلى مواجهة جديدة تختلف كل الاختلاف عن كل الاتجاهات التي عاشها سابقاً.
كان في ميلانو أحد رجال الله المعروفين بتقواهم، وقد اختاره الله إناء صالحاً لخدمته ونشر كلمته الحقة. كان هذا الرجل هو القديس أمبروز الذي لعب دوراً كبيراً في حياة أغسطينوس، فقد جعله الرب سبب بركة لحياته الروحية.
الحياة الجديدة :
جلست على قمة العالم حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً». أغسطينوس
هناك في ميلانو بدأ الرب يوقظ ضمير أغسطينوس، وبدأت النعمة تعمل عملها فيه بواسطة مواعظ أسقف أمبروز وقراءته الكتاب المقدس، ومعاشرته بعض المؤمنين المسيحيين الأتقياء، أمثال سبلشيانوس الكاهن. بدأ يشعر بفساد حياته وطبيعته الساقطة الخاطئة وخباثته الدفينة في قلبه، خاصة بعد أن قرأ بعض ما كتب عن حياة الرهبنة في مصر فأحس بالخزي والخجل أن يرى جماعة من أولئك الرهبان البسطاء الذين تركوا العالم ليتبعوا يسوع.
وقد حدث اهتداؤه في صيف 386م. وفي عيد القيامة سنة 387م تعمّد بالماء بيد الأسقف أمبروز في ميلانو.
وبعد ذلك قرر العودة مع أمه وأخيه إلى مسقط رأسه. وفي طريق عودته اعتلت صحة أمه التقية في «أوسيتا» واستمر مرضها لمدة تسعة أيام، وقبل وفاتها قالت لأغسطينوس: «إن الله قد أمدّ في عمري لسبب واحد, وهو كي أراك مؤمناً ومخلصاً ومسيحياً بالحق قبل أن أموت، والله الغني قد أبقاني لأراك خادمه الأمين تحتقر المنظور».
وفي تاسع يوم لمرضها وهي في السادسة والخمسين فارقت روحها جسدها الفاني، فحزن أغسطينوس كثيراً لوفاة أمه في أرض الغربة وذرف الدموع السخينة من أجلها، وهي التي ظلت سنوات طويلة تذرف الدموع من أجل خلاصه. وكتب قصة موتها في كتاب يعدّ من أروع وأبدع الآثار المسيحية في الأدب المسيحي القديم.
وبعد وفاة أمه سافر إلى روما، وهناك تفرغ لخدمة الكتابة و بعد وفاة «مونيكا» أم أغسطينوس سافر إلى روما ليخبر الناس عن أعمال الله ولكي يحذر من فلسفة المانويين وفساد تعليمهم والأفكار الشريرة التي يزرعونها في عقول الناس، خاصة أنه اختبر خزعبلاتهم وشرب من سمومهم وعاش تسع سنوات في أحضانهم غائصاً في وحل مستنقعاتهم. كيف لا يقدر أن يكشف للناس عيوبهم وتعليمهم العقيم السقيم؟
وبعد هذا عاد إلى أفريقيا قرطاجة أولاً حيث قضى هناك فترة قصيرة، ثم أقلع إلى تاغسطا مسقط رأسه، فباع كل ممتلكاته ووزعها على الفقراء والكنيسة، وظل يتابع قراءة الكتاب المقدس والتأمل في الذات الإلهية في عزلة تامة وشركة حميمة مع خالقه والاستمتاع به؟ فأحسّ بضرورة إنشاء دير هناك، لكن أحد أصدقائه دعاه لزيارة مدينة «هبون»(Hippone) عنابة حالياً، وكانت هذه المدينة مشهورة إذ كانت عاصمة مقاطعة نوميديا آنذاك. وفي سنة 391م رسم أغسطينوس قسيساً في تلك المدينة، وبعد وفاء الأسقف السابق انتخب باختياره أسقفاً على مدينة «هبون» (عنابة) سنة 395م فتراكمت عليه المسؤوليات الجسام من رعاية للكنيسة، والرد على البدع المتفشية في الكنيسة، فألف الكثير من الكتب القيّمة والدراسات الهامة، ووضع العديد من الرسائل الدقيقة والشروحات العميقة التي تفيض بالخير والخصب الروحي في تفسير أجزاء متفرقة من الكتاب المقدس. وفي أواخر سنة 397م أو أوائل 398م سجل هذا المؤلف شهادة حية لعمل النعمة في حياته، ولصلاح الله ومحبته الفائقة الإدراك. في هذا الكتاب حطّم أغسطينوس قيود الحياء البشرية وسحق الكبرياء وقضى على الأنانية التي في ذاته ووقف عارياً أمام خالقه.
لقد كان أغسطينوس باستمرار نوذجاً حياً للراعي الصالح آنذاك متشبهاً بذاك الذي دعاه ليرعى خرافه ويعتني بها.
قيل أنّ عظاته كانت بسيطة جداً وقصيرة وواضحة للغاية. واللغة العامية هي التي كان يستخدمها أثناء خدمته التعبدية في الكنيسة، لأنّ معظم الناس الذين كانوا يستمعون إليه لم يكونوا يعرفون أو يتقنون اللغة اللاتينية بل اللغة الفينيقية لغة المنطقة آنذاك. فكانت لكلماته وقع طيب وقوي على سامعيه ، حتى أصبح أعظم واعظ في زمانه، وأكبر مدافع ومناضل لرسالة المسيح التي ائتمنه عليها ولاهوتياً كبيراً، وأسقفاً مثالياً، ورجل صلاة.
وفي 28 أوغسطس سنة 430م انتقل إلى المجد وهو محتفظ بكامل قواه العقلية تاركاً وراءه ذخيرة روحية لا تثمن بثمن للأجيال اللاحقة. وبعد شهرين من وفاته أحرقت مدينة «هبون» ودمرت عن بكرة أبيها. وبهذا يعتبر أغسطينوس أخر أسقف لمدينة هبون.
وبعد خمس سنوات احتل الوندال معظم أطراف شمال أفريقيا الي كانت تحت سيطرة الأمبراطورية الرومانية. كما أن المسيحية بدأت بالأفول بسب سرطان النحل والبدع المتعددة التي تفشت فيها.
مواجهة التيارات :
نعم كنت في شوق دائم للحياة السعيدة. لكن، كنت أخشى أن أذهب إليها في مكانها. ومع ابتعادي عنها، كنت أطلبها, وكنت أتخيل أنني إذا تركت شهوة الجسد أصير شقياً. ولم يخطر على بالي لجهلي، أنّ نعمتك تقدر على إزالة هذا الضعف عنا». أغسطينوس.
قضى أغسطينوس أسقف عنابة ما يقرب من ثلاث وأربعين سنة، مكرساً حياته لخدمة سيده الذي دعاه من وسط الظلمة العالم إلى النور. فاستخدم الله مواهب عبده المتعددة لخدمة كنيسته ومواجهة التيارات المعادية لإنجيل المسيح.
قاوم أغسطينوس بقوة وحماس كبير الزنادقة والبدع والهرطقات العديدة والمذاهب الفلسفية والدينية كالأكاديمية والمانوية، التي سبق أن انبهر ببريقها طويلاً، فرد على المانويين بشدة في مناقشات عمومية وفي المؤلفات التي صوّر فيها أخلاقهم وكشف عن عيوبهم وضعف عقيدتهم. كما أنه قام بهدم تعليم البلاجية - التي تنسب إلى راهب إنجليزي يُدعى مورجان - وقد قالت البلاجية: إنّ خطيئة آدم كانت فقط قدوة سيئة للجنس البشري وإنها لم تؤثر إلا في آدم وحواء، ولم ينجم عن السقوط أي فساد في الطبيعة البشرية، وإنّ الإنسان يولد في حالة البرارة وله نفس القوة الأدبية والطهارة اللتين كانتا لآدم وحواء عندما خلقهما الله، وله قوة الاختيار بين الخير والشر, ولا لزوم لعمل النعمة في قلب الخاطئ، لأنّ في داخل الإنسان قوة تجعله يسمو إلى أعلى درجة من القداسة. ثم وجّه قلمه للرد على بدعة آريوس (256-335) - كان آريوس ليبيّ المولد والمنشأ. أمّ الاسكندرية وتعلّم فيها -
وفي سنة 410 م حلت بروما الأزمة الكبيرة، إذ هجم الغوط على روما بقيادة الأريك واحتلوها بعد حصار طويل. فساروا يقتلون ويضطهدون الشعب وينهبون ممتلكاتهم وكل ما بالمدينة، فدبّ الرعب والخوف في قلوب المسيحيين المؤمنين. وفي هذه الأثناء قام خصوم المسيحيين يحملونهم مسؤولية هذه الكارثة، لأن الآلهة في رأيهم أنزلت غضبها الشديد على روما بسبب الدين المسيحي والمسيحيين. فقاوم أغسطينوس بتهدئة الأفكار وتثبيت الإيمان في النفوس التي تزعزعت، وقد رد على هجوم الأعداء واتهاماتهم للإيمان المسيحي في كتابه القيّم «مدينة الله»، مميزاً فيه بين زيف المجتمعات الدنيوية الفانية وبين مدينة الله الأزلية، بين نظام الحكم الأرضي والحكم السماوي، موضحاً فيه فشل الفلسفات والديانات الوثنية. وكان هذا أروع ما كتبه أغسطينوس. وقد ألف كتابه هذا ما بين سنة 413 م وسنة 426 م في اثنين وعشرين كتاباً.
كما أنه كتب خطباً كثيرة لم يبق منها إلا مئتان وست وسبعون رسالة لها أهمية كبيرة بالسنبة للتاريخ الديني وفهم نفسية الكاتب. وقد ترك لنا مؤلفات عديدة قيّمة جداً منها رسالته «الرد على الأكادميين»وكتاب «الحياة العتيدة» و «حرية الإرادة» ثم كتاب «خلود النفس» و «النعمة». ومن أعظم مؤلفاته كتابه الكبير المعروف باسم «مدينة الله» وترجمته الذاتية «الاعترافات».
اغيستان في ميلانو :
أود أن أتخطى قوة طبيعتي، لأرتفع تدريجياً إلى خالقي» أغسطينوس
قادت العناية الإلهية أغسطينوس إلى ميلانو، وهناك بدأت الأحداث في حياة أغسطينوس تأخذ منحى آخر. وبدأ اتجاهه يتحول دون أن يدري إلى مواجهة جديدة تختلف كل الاختلاف عن كل الاتجاهات التي عاشها سابقاً.
كان في ميلانو أحد رجال الله المعروفين بتقواهم، وقد اختاره الله إناء صالحاً لخدمته ونشر كلمته الحقة. كان هذا الرجل هو القديس أمبروز الذي لعب دوراً كبيراً في حياة أغسطينوس، فقد جعله الرب سبب بركة لحياته الروحية.
الحياة الجديدة :
جلست على قمة العالم حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً». أغسطينوس
هناك في ميلانو بدأ الرب يوقظ ضمير أغسطينوس، وبدأت النعمة تعمل عملها فيه بواسطة مواعظ أسقف أمبروز وقراءته الكتاب المقدس، ومعاشرته بعض المؤمنين المسيحيين الأتقياء، أمثال سبلشيانوس الكاهن. بدأ يشعر بفساد حياته وطبيعته الساقطة الخاطئة وخباثته الدفينة في قلبه، خاصة بعد أن قرأ بعض ما كتب عن حياة الرهبنة في مصر فأحس بالخزي والخجل أن يرى جماعة من أولئك الرهبان البسطاء الذين تركوا العالم ليتبعوا يسوع.
وقد حدث اهتداؤه في صيف 386م. وفي عيد القيامة سنة 387م تعمّد بالماء بيد الأسقف أمبروز في ميلانو.
وبعد ذلك قرر العودة مع أمه وأخيه إلى مسقط رأسه. وفي طريق عودته اعتلت صحة أمه التقية في «أوسيتا» واستمر مرضها لمدة تسعة أيام، وقبل وفاتها قالت لأغسطينوس: «إن الله قد أمدّ في عمري لسبب واحد, وهو كي أراك مؤمناً ومخلصاً ومسيحياً بالحق قبل أن أموت، والله الغني قد أبقاني لأراك خادمه الأمين تحتقر المنظور».
وفي تاسع يوم لمرضها وهي في السادسة والخمسين فارقت روحها جسدها الفاني، فحزن أغسطينوس كثيراً لوفاة أمه في أرض الغربة وذرف الدموع السخينة من أجلها، وهي التي ظلت سنوات طويلة تذرف الدموع من أجل خلاصه. وكتب قصة موتها في كتاب يعدّ من أروع وأبدع الآثار المسيحية في الأدب المسيحي القديم.
وبعد وفاة أمه سافر إلى روما، وهناك تفرغ لخدمة الكتابة و بعد وفاة «مونيكا» أم أغسطينوس سافر إلى روما ليخبر الناس عن أعمال الله ولكي يحذر من فلسفة المانويين وفساد تعليمهم والأفكار الشريرة التي يزرعونها في عقول الناس، خاصة أنه اختبر خزعبلاتهم وشرب من سمومهم وعاش تسع سنوات في أحضانهم غائصاً في وحل مستنقعاتهم. كيف لا يقدر أن يكشف للناس عيوبهم وتعليمهم العقيم السقيم؟
وبعد هذا عاد إلى أفريقيا قرطاجة أولاً حيث قضى هناك فترة قصيرة، ثم أقلع إلى تاغسطا مسقط رأسه، فباع كل ممتلكاته ووزعها على الفقراء والكنيسة، وظل يتابع قراءة الكتاب المقدس والتأمل في الذات الإلهية في عزلة تامة وشركة حميمة مع خالقه والاستمتاع به؟ فأحسّ بضرورة إنشاء دير هناك، لكن أحد أصدقائه دعاه لزيارة مدينة «هبون»(Hippone) عنابة حالياً، وكانت هذه المدينة مشهورة إذ كانت عاصمة مقاطعة نوميديا آنذاك. وفي سنة 391م رسم أغسطينوس قسيساً في تلك المدينة، وبعد وفاء الأسقف السابق انتخب باختياره أسقفاً على مدينة «هبون» (عنابة) سنة 395م فتراكمت عليه المسؤوليات الجسام من رعاية للكنيسة، والرد على البدع المتفشية في الكنيسة، فألف الكثير من الكتب القيّمة والدراسات الهامة، ووضع العديد من الرسائل الدقيقة والشروحات العميقة التي تفيض بالخير والخصب الروحي في تفسير أجزاء متفرقة من الكتاب المقدس. وفي أواخر سنة 397م أو أوائل 398م سجل هذا المؤلف شهادة حية لعمل النعمة في حياته، ولصلاح الله ومحبته الفائقة الإدراك. في هذا الكتاب حطّم أغسطينوس قيود الحياء البشرية وسحق الكبرياء وقضى على الأنانية التي في ذاته ووقف عارياً أمام خالقه.
لقد كان أغسطينوس باستمرار نوذجاً حياً للراعي الصالح آنذاك متشبهاً بذاك الذي دعاه ليرعى خرافه ويعتني بها.
قيل أنّ عظاته كانت بسيطة جداً وقصيرة وواضحة للغاية. واللغة العامية هي التي كان يستخدمها أثناء خدمته التعبدية في الكنيسة، لأنّ معظم الناس الذين كانوا يستمعون إليه لم يكونوا يعرفون أو يتقنون اللغة اللاتينية بل اللغة الفينيقية لغة المنطقة آنذاك. فكانت لكلماته وقع طيب وقوي على سامعيه ، حتى أصبح أعظم واعظ في زمانه، وأكبر مدافع ومناضل لرسالة المسيح التي ائتمنه عليها ولاهوتياً كبيراً، وأسقفاً مثالياً، ورجل صلاة.
وفي 28 أوغسطس سنة 430م انتقل إلى المجد وهو محتفظ بكامل قواه العقلية تاركاً وراءه ذخيرة روحية لا تثمن بثمن للأجيال اللاحقة. وبعد شهرين من وفاته أحرقت مدينة «هبون» ودمرت عن بكرة أبيها. وبهذا يعتبر أغسطينوس أخر أسقف لمدينة هبون.
وبعد خمس سنوات احتل الوندال معظم أطراف شمال أفريقيا الي كانت تحت سيطرة الأمبراطورية الرومانية. كما أن المسيحية بدأت بالأفول بسب سرطان النحل والبدع المتعددة التي تفشت فيها.
مواجهة التيارات :
نعم كنت في شوق دائم للحياة السعيدة. لكن، كنت أخشى أن أذهب إليها في مكانها. ومع ابتعادي عنها، كنت أطلبها, وكنت أتخيل أنني إذا تركت شهوة الجسد أصير شقياً. ولم يخطر على بالي لجهلي، أنّ نعمتك تقدر على إزالة هذا الضعف عنا». أغسطينوس.
قضى أغسطينوس أسقف عنابة ما يقرب من ثلاث وأربعين سنة، مكرساً حياته لخدمة سيده الذي دعاه من وسط الظلمة العالم إلى النور. فاستخدم الله مواهب عبده المتعددة لخدمة كنيسته ومواجهة التيارات المعادية لإنجيل المسيح.
قاوم أغسطينوس بقوة وحماس كبير الزنادقة والبدع والهرطقات العديدة والمذاهب الفلسفية والدينية كالأكاديمية والمانوية، التي سبق أن انبهر ببريقها طويلاً، فرد على المانويين بشدة في مناقشات عمومية وفي المؤلفات التي صوّر فيها أخلاقهم وكشف عن عيوبهم وضعف عقيدتهم. كما أنه قام بهدم تعليم البلاجية - التي تنسب إلى راهب إنجليزي يُدعى مورجان - وقد قالت البلاجية: إنّ خطيئة آدم كانت فقط قدوة سيئة للجنس البشري وإنها لم تؤثر إلا في آدم وحواء، ولم ينجم عن السقوط أي فساد في الطبيعة البشرية، وإنّ الإنسان يولد في حالة البرارة وله نفس القوة الأدبية والطهارة اللتين كانتا لآدم وحواء عندما خلقهما الله، وله قوة الاختيار بين الخير والشر, ولا لزوم لعمل النعمة في قلب الخاطئ، لأنّ في داخل الإنسان قوة تجعله يسمو إلى أعلى درجة من القداسة. ثم وجّه قلمه للرد على بدعة آريوس (256-335) - كان آريوس ليبيّ المولد والمنشأ. أمّ الاسكندرية وتعلّم فيها -
وفي سنة 410 م حلت بروما الأزمة الكبيرة، إذ هجم الغوط على روما بقيادة الأريك واحتلوها بعد حصار طويل. فساروا يقتلون ويضطهدون الشعب وينهبون ممتلكاتهم وكل ما بالمدينة، فدبّ الرعب والخوف في قلوب المسيحيين المؤمنين. وفي هذه الأثناء قام خصوم المسيحيين يحملونهم مسؤولية هذه الكارثة، لأن الآلهة في رأيهم أنزلت غضبها الشديد على روما بسبب الدين المسيحي والمسيحيين. فقاوم أغسطينوس بتهدئة الأفكار وتثبيت الإيمان في النفوس التي تزعزعت، وقد رد على هجوم الأعداء واتهاماتهم للإيمان المسيحي في كتابه القيّم «مدينة الله»، مميزاً فيه بين زيف المجتمعات الدنيوية الفانية وبين مدينة الله الأزلية، بين نظام الحكم الأرضي والحكم السماوي، موضحاً فيه فشل الفلسفات والديانات الوثنية. وكان هذا أروع ما كتبه أغسطينوس. وقد ألف كتابه هذا ما بين سنة 413 م وسنة 426 م في اثنين وعشرين كتاباً.
كما أنه كتب خطباً كثيرة لم يبق منها إلا مئتان وست وسبعون رسالة لها أهمية كبيرة بالسنبة للتاريخ الديني وفهم نفسية الكاتب. وقد ترك لنا مؤلفات عديدة قيّمة جداً منها رسالته «الرد على الأكادميين»وكتاب «الحياة العتيدة» و «حرية الإرادة» ثم كتاب «خلود النفس» و «النعمة». ومن أعظم مؤلفاته كتابه الكبير المعروف باسم «مدينة الله» وترجمته الذاتية «الاعترافات».
بسمة- عضو دهبي
- عدد المساهمات : 3099
نقاط : 35040
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 12/07/2010
العمر : 32
مواضيع مماثلة
» سلسلة أبطال البربر ( سانت أوغيستان ) ج 2
» سلسلة أبطال البربر ( سالابوس ) ج 1
» سلسلة أبطال البربر ( تاكفاريناس )
» سلسلة أبطال البربر ( سالابوس ) ج 1
» سلسلة أبطال البربر ( تاكفاريناس )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى