Oued Taga - وادي الطاقة
الى زائر و عضو المنتدى لا تغادر المنتدى قبل ان تترك لنا اثرا من ثقافتك... شارك بتعليق بعبارة بجملة بكلمة واترك أثرك - ساهـم برائيك من أجـل رقي المنتدى

اختر اي قسم او موضوع واترك بصمتك به
وشكرا





انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Oued Taga - وادي الطاقة
الى زائر و عضو المنتدى لا تغادر المنتدى قبل ان تترك لنا اثرا من ثقافتك... شارك بتعليق بعبارة بجملة بكلمة واترك أثرك - ساهـم برائيك من أجـل رقي المنتدى

اختر اي قسم او موضوع واترك بصمتك به
وشكرا



Oued Taga - وادي الطاقة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

مكتبة الصور


 بين المرابطين والموحدين  Empty
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 478 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 478 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 4:07 pm
التسجيل السريع



بين المرابطين والموحدين

اذهب الى الأسفل

 بين المرابطين والموحدين  Empty بين المرابطين والموحدين

مُساهمة من طرف Ø¨Ø³Ù…Ø© الجمعة مارس 30, 2012 8:33 pm

بين المرابطين والموحدين وتجنيد بنوا هلال في الجيش الموحدي وبطشه بكل ماهو صنهاجي

تداعيات سقوط دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين

متابعة للأحداث بصورة متسلسلة فقد كان لسقوط دولة المرابطين وقيام دولة الموحدين في عام 541 هـ= 1146 م ومقتل ما يربو على الثمانين ألف مسلم في بلاد الأندلس نتيجة الحروب بينهما - كان لهذه الأحداث العظام تداعيات خطيرة على كل بلاد المغرب العربي والأندلس، وما يهمنا هنا هو ما حدث في الأندلس، فكان ما يلي:

أولا:

بعد قيام دولة الموحدين بعام واحد وفي سنة 542 هـ= 1147 م سقطت "ألمرية" في أيدي النصارى، وهي تقع على ساحل البحر المتوسط في جنوب الأندلس، أي أنها بعيدة جدا عن ممالك النصارى، لكنها سقطت عن طريق البحر بمساعدة فرنسا.. وفي "ألمرية" استشهد آلاف من المسلمين وسبيت أربعة عشر ألف فتاة مسلمة.

ثانيا:

بعد ذلك أيضا بعام واحد وفي سنة 543 هـ= 1148 م سقطت طرطوشة ثم لاردة في أيدي النصارى أيضا، وهما في مملكة سراقسطة التي تقع في الشمال الشرقي، والتي كان قد حررها المرابطون قبل ذلك.

ثالثا:

وفي نفس العام أيضا توسعت مملكة البرتغال في الجنوب، وكانت من أشد الممالك ضراوة وحربا على المسلمين.

رابعا:

بدأ النصارى يتخطون حدود الأندلس ويهاجمون بلاد المغرب العربي، فاحتلت تونس في ذات السنة أيضا من قِبل النصارى، وهي خارج بلاد الأندلس.

ولقد كانت مثل هذه التداعيات شيئًا متوقعًا نتيجة الفتنة الكبيرة والحروب التي دارت بين المسلمين في بلاد المغرب .

محمد بن تومرت ونهجه في الدعوة

في طريق عودته من بلاد العراق والشام مكث محمد بن تومرت فترة في الأسكندريه يُكمل فيها تعليمه، وهناك بدأ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ومن خلال سيرته ورغم أنه- كما ذكرنا- كان عالِمًا كبيرًا إلا أنه كان يتصف بصفة لا نجدها عند أمثاله من العلماء، وهي مما يثير الدهشة وتدعو إلى التعجب، ذلك أنه كان شديدًا غاية الشدة في إنكار المنكر والأمر بالمعروف، شدة تصل إلى حد التنفير، فكان ينفّر عنه كثير من الناس حينما يأمرهم بالمعروف أو ينهاهم عن المنكر، ووصلت حدته وفظاظته في دعوته تلك إلى الدرجة التي جعلت أهل الأسكندرية يطردونه منها ويلقون به في سفينة متجهة إلى بلاد المغرب العربي، وعلى السفينة أيضا ظل محمد بن تومرت على حدته في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر حتى منع الخمور على ظهر السفينة وأمر بقراءة القرآن.

وبالطبع فقد كان الناس على السفينة بعيدين تمام البعد عن المنهج الإسلامي، فاشتدّ عليهم واختلف معهم كثيرًا، الأمر الذي دفعهم إلى إلقائه في عرض البحر وتركوه وساروا إلى بلاد المغرب، وبعد فترة من السباحة جانب السفينة أشفقوا عليه ورقّوا لحاله، وأخذوه معهم مرة ثانية شريطة أن يظلّ صامتًا إلى أن يصل إلى بلاد المغرب العربي، وفي تونس تنتهي رحلته فينزل إلى بلد تسمى المهدية، وهناك وكالعاده بدأ من جديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وبنفس الطريقة التي كان قد سلكها قبل ذلك، وكردٍّ طبيعي من قِبل الناس نفروا منه وبعدوا عن طريقته، فقد كان محمد بن تومرت يريد تغيير المنكر كله تغييرًا جذريًا ودفعة واحدة.

والحق أن هذا أمر مخالف لسنن الله تعالى؛ فحين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في مكة ما أُمر وما سعى إلى هذا التغيير المفاجئ الجذري، بل إن الأمور كانت تتنزل عليه صلى الله عليه وسلم من عند الله سبحانه وتعالى بصورة متدرجة، فقد نزل أمر اجتناب الربا على درجات متسلسلة ومراعية للتدرج مع الناس، وكذلك كان الأمر في تحريم الخمور وتجريمها، والناس قبل لم تكن تعرف لكليهما حرمة، حتى في أمر الجهاد والقتال في سبيل الله؛ فلم يتنزل هذا التكليف دفعة واحدة.

تلك الأمور التي فقهها جيدًا عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين تولى الخلافة، فقد كان هناك كثير من المنكرات في دمشق وما حولها من البلاد، وكان ابن عمر بن عبد العزيز رحمه الله شديدًا في الحق، فأراد أن يغير كل هذه المنكرات مستقويًا بسلطان أبيه، إلا أنه وجد أن أباه عمر بن عبد العزيز يسير فيها بطريقة متدرجة فشق ذلك عليه، فذهب إليه وقال له: يا أبي، أنت تملك الأمور الآن، ولك هيمنة على بلاد المسلمين، فيجب أن تغير هذا المنكر كله وتقيم الإسلام كما ينبغي أن يُقام، فقال له عمر بن عبد العزيز رحمه الله: يا بني، لو حملت الناس على الحق جملةً واحدة تركوه جملةً واحدة.

لكن محمد بن تومرت لم يكن ينحو مثل هذا النهج ومثل تلك الخطى، إنما يريد أن يغير كل شيء تغييرًا جذريًا، بل وبأسلوب فظ شديد، وقد قال جل شأنه يخاطب نبيه الكريم: [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ] {آل عمران:159}. خطاب لشخصه صلى الله عليه وسلم وهو المؤيّد بالوحي وأحكم الخلق وأعلم البشر جميعًا، إن دعوت إلى الله سبحانه وتعالى بفظاظة وغلظة انفضّ الناس عنك، فما البال وما الخطب بعموم الناس من دونه؟!



محمد بن تومرت وعبد المؤمن بن عليّ

عندما كان في تونس وفي المهديّة قابل محمد بن تومرت رجلًا كان يبغي ما كان يبغيه هو في أول رحلته في طلب العلم إلى الأقطار الإسلامية المختلفة، ذلك الرجل كان يُدعى عبد المؤمن بن عليّ، وفي أول لقاء له به سأله عن سبب تركه لبلاد المغرب العربي وسياحته في البلاد، فأجابه بأنه يبحث عن العلم والدين، فرد عليه محمد بن تومرت بأن بضاعتك وما تبغيه لديّ وعندي، فالتقيا كثيرًا، وقد أخذ محمد بن تومرت يعلمه من علمه ما أعجب عبد المؤمن بن علي كثيرًا، وتآخيا في الله، وظلا سويًا في طريقهما لم يفترقا حتى مات محمد بن تومرت على نحو ما سيأتي بيانه.

تعلم عبد المؤمن بن علي العلم من محمد بن تومرت مع الطريقة الفظة في الدعوة إلى الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبدأ الاثنان معًا يدعوان إلى الله سبحانه وتعالى في بلاد المغرب العربي، وقد انضم إليهما خمسة آخرون وأصبحوا بذلك سبعة أفراد بمحمد بن تومرت نفسه، وعلى هذا الحال وجد محمد بن تومرت ومن معه أن المنكرات قد كثرت بصورة لافتة في بلاد المرابطين، ووجد أن الخمور قد تفشت حتى في مراكش، تلك العاصمة التي أسسها يوسف بن تاشفين رحمه الله من قبل وكانت ثغرا من ثغور الإسلام، كما رأى الولاة وقد بدأوا يظلمون الناس ويفرضون عليهم الضرائب، ويأكلون أموال اليتامى، ووجد أيضا ذاك السفور والاختلاط وقد انتشر وصار شيئًا مألوفًا بين الناس، حتى إنه شاهد بنفسه امرأة سافرة وقد خرجت في فوج كبير وعليه حراسة مما يماثل أفواج الملوك، وحينما سأل عن صاحبة هذا الفوج وتلك المرأة السافرة علم أنها ابنة عليّ بن يوسف بن تاشفين، ابنة أمير المسلمين.



محمد بن تومرت وفكرته في التغيير

لا بدّ من تغيير لهذا الوضع المخزي، كانت هذه هي الفكرة التي اختمرت واستحوذت على رأس محمد بن تومرت، فجلس مع أصحابه وعددهم ستة نفر، ثم عرض عليهم فكرته في التغيير، فكان رأيه أن المعاصي والمنكرات قد استشرت في بلاد المرابطين، وأن السيل قد بلغ الزبى، وأن الحل في هذا الأمر هو أن نبدأ بالرأس ونُقصي الحكام عن الحكم، فنبدأ بعليّ بن يوسف بن تاشفين ومن معه من الحكام والولاة وقادة الجيش، فنخرج عليهم فنقصيهم عن الحكم، ومن ثم فيكون الأمر في أيدينا فنستطيع أن نغير في البلاد وفق ما يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

يريد محمد بن تومرت أن يختصر طريق التربية ويختصر الطريق الطويل الذي بدأه عبد الله بن ياسين من قبل، والذي سار فيه سنوات وسنوات حتى تمكن من الأمور، يريد إقصاء علي بن يوسف بن تاشفين ومن معه ثم بعد أن يتملك الأمور يبدأ في تعليم الناس من فوق كرسي الحكم وبسلطان القانون.

وإذا أكملنا السير مع محمد بن تومرت فإن عليّ بن يوسف بن تاشفين كان يقيم شرع الله سبحانه وتعالى وكان يجاهد في سبيل الله، إلا أنه كانت تشوبه بعض التجاوزات والمخالفات مثل التي ذكرناها وهذه المخالفات لم تكن تعطي الحق لمحمد بن تومرت ومن معه أيًا كانت نياتهم فيما يبدو لنا، وأيا كان تقشفهم وزهدهم وعلمهم الغزير أن يخرجوا عليه، بل كان عليهم أن يُقيموا الأمر من جديد، وأن يعاونوه على العوده إلى طريق الإسلام الصحيح، وكان عليهم تعليم الناس وتربيتهم تربية إسلامية صحيحة.

ولننظر إلى تغيير رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة، وحين خالفه المشركون في مكة، فقد كان من الممكن أن يفعل الأمر نفسه الذي فكّر فيه محمد بن تومرت، كان من الممكن أن يوصي عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوّام وطلحة بن عبيد الله أن يقوم كل منهم فيقتل رجلا من صنانيد قريش، ثم يتولى هو الحكم في مكة ومن ثَمّ يقيم شرع الله سبحانه وتعالى.

ولأنها ليست سنة الله في التغيير لم يتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل أخذ يربي الناس بالتدريج سنة بعد سنة، حتى قضى ثلاث عشرة سنة في مكة على هذا الحال، ثم هاجر إلى المدينة المنورة وتابع مسيرته في تربية الناس بالتدريج، حتى كانت موقعة بدر مع الكافرين وتلتها المواقع الكثيرة التي أصقلت معادن المؤمنين، حتى تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك من السيطرة على الأمور كلها في جزيرة العرب، واستطاع أن يُنشئ جيلا من الرجال على طراز فريد من نوعه، استطاعوا من بعده أن يحملوا الرسالة إلى أهل الأرض قاطبة.



بين علي بن يوسف بن تاشفين ومحمد بن تومرت

كان ما سبق هو المنهج الذي سلكه محمد بن تومرت قاصدًا به الإصلاح والتغيير، وهو بلا أدنى شك مخالف تمامًا للنهج القويم ونهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمل ذاته على نحو ما رأينا.

سمع عليّ بن يوسف بن تاشفين بمحمد بن تومرت وعلم أنه يدعو الناس إلى الخروج عليه، وبمنطق سليم فكر الخليفة في عقد مناظرة بين محمد بن تومرت وبين علماء دولة المرابطين، يكون مقرّها قصر الخليفة نفسه.

قدم محمد بن تومرت على رأس أتباعه الستة، وأتى علماء المرابطين وكان على رأسهم كبير العلماء وقاضي القضاة مالك بن وهيب، وبدأ الفريقان في المناظرة.

ونظرة أولية إلى فكرة عقد مثل هذه المناظرة يوحي بأن عليّ بن يوسف بن تاشفين كان رجلًا ما زال يحمل من الخير الكثير، وإلاّ وعلى أقل تقدير كان من الممكن أن يفتعل مثل هذه المناظرة ويقوم بعدها بسجن محمد بن تومرت أو قتله أو فعل أي شيء آخر من هذا القبيل، خاصّة وهو ذلك الثائر على الحاكم، والذي يريد قلب وتغيير نظام الحكم، الأمر الذي سيزداد تأكيدًا في نهايه هذه المناظرة في صالح الأمير على نحو ما سيأتي.

وفي هذه المناظرة تفوّق محمد بن تومرت على علماء دولة المرابطين تفوقًا ملحوظًا، فقد كان كما ذكرنا من كبار العلماء المتشبعين بالعلم، وكان كما وصفه ابن خلدون بحرًا متفجرًا من العلم وشهابًا في الدين، وهو الذي أمضى عشر سنين في بغداد يتعلم علم المجادلة وفنون المحاورة على يد العقليين من المعتزلة وغيرهم، استطاع محمد بن تومرت أن يحاجّ علماء دولة المرابطين جميعًا في كل القضايا التي أثيرت بينه وبينهم، حتى بكى عليّ بن يوسف بن تاشفين في مجلسه لما رأى من كثرة المعاصي في دولته وهو لا يدري عنها شيئا، أو هو يدري عنها لكنه لم يغيرها، بكى من الخشية لما سمع حجج وأقاويل محمد بن تومرت، لكن ذلك لم يشفع له عنده وظلت الحدة واضحة جلية في كلامه وحديثه مع الأمير، كان علماء الدولة ووزراؤها يعلمون أنه يحرّض الناس على الخروج على الحاكم، فأسرّ مالك بن وهيب قاضي القضاة في أذن عليّ بن يوسف بن تاشفين بأن عليه أن يعتقل هذا الرجل وينفق عليه دينارًا كل يوم في السجن وإلا ستمرّ عليك الأيام فتنفق عليه كل خزائنك دون أن تقدر عليه، لكن الوزير أشار على علي بن يوسف بن تاشفين بعدم فعل ذلك حتى لا يكون متناقضا مع نفسه، خاصة وأنه جلس في مجلسه وبكى من خشية الله سبحانه وتعالى حين سمع كلماته، فلا يُعقل أن تأتي بعد ذلك وتعتقله، فتحدث بذلك بلبلة عند عموم الناس، كما أنه بمن معه سبعة نفر فقط أما أنت فحاكم دولة ضخمة وهي دولة المرابطين، فكيف تخشى من هذا الرجل؟!

وازن عليّ بن يوسف بن تاشفين بين رأي مالك بن وهيب قاضي القضاة وبين رأي الوزير، واستقر أخيرًا على إطلاق سراح محمد بن تومرت تأثمًا أن يحبسه دون وجه حق، فالرجل كان ما زال به خير، وكان من الممكن أن يصلح أمره إذا حاول معه محمد بن تومرت ومن معه بالتي هي أحسن، لكنه لم يفعل.

إبراهيم بن تاشفين (539هـ ـ 541هـ) وقد تولى بعد مصرع أبيه تاشفين، وكان وقتها في الرابعة عشرة من العمر، وقد رفض عمه الأمير إسحاق هذه الولاية، وانقسم المرابطون فيما بينهم، واقتتلوا داخل مراكش والموحدون على أبوابها، ولم يكن لإبراهيم شيء من الأمر لأنه كان صغيرًا، وظل الموحدون محاصرين لمراكش عدة شهور، وفي النهاية في 18 شوال سنة 541هـ دخل الموحدون مراكش عاصمة المرابطين وقتلوا أهلها جميعًا في مذبحة مروعة كانت سمة عامة وغالبة في الموحدين، وأول من راح في هذه المذبحة الأمير إبراهيم وهو فتى في السادسة عشرة لا حول له ولا قوة، وقتل كل من انتمى لقبيلة «لمتونة» التي كانت أساس دولة المرابطين، وسقطت هذه الدولة العظيمة في واحدة من أشد المحن التي تعرضت لها بلاد الإسلام في هذه البقاع



محمد بن تومرت وجماعة الموحدين

ما إن خرج محمد بن تومرت من مجلس الأمير علي بن يوسف بن تاشفين من مراكش حتى نزل على صديق له في بلد مجاور، وذهبوا بعدها إلى قرية في عمق الجبل اسمها "تينملل" وهي التي ستكون عاصمة للدولة التي سوف يؤسسها محمد بن تومرت بعد ذلك.

كان محمد بن تومرت زاهدًا أشد الزهد، وكان لا يحمل في يده إلا العصا ولا يأكل إلا القليل من الطعام، وكان كما ذكرنا صاحب علم غزير، فبدأ الناس في هذه القرية الصغيرة يلتفّون حوله ويسمعون لكلامه، وبدأ يؤثر فيهم بشكل طبيعي لما كانوا عليه من المعاصي والمنكرات تلك التي انتشرت في بلاد المرابطين، ثم بدأ يكوّن حوله جماعة بدأت صغيرة وقد سماها جماعة الموحدين، وهي تسمية خطيرة لما سنعلمه بعد قليل.

قويت شوكة محمد بن تومرت، وبمجرد أن قويت شوكته ظهرت عليه انحرافات عقائدية خطيرة، فقد كان لأخذه العلم من تيارات مختلفة تمثل سنّة وشيعة ومعتزلة، وغيرهم في بلاد الشام وبغداد ومكة ومصر وغيرها من البلاد كان من جرّاء ذلك أن ظهر عليه خليط من العقائد المختلفة، والتي تمثلت فيما يلي:

أولًا: ادّعى العصمة:

((والعصمة عند أهل السنة والجماعة لم تثبت إلا للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فيما يبلغون عن الله من شرع، ولم يقولو بها لسواهم حتى لكبار الصحابة الذين خصهم الله بالفضل كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم.

إن ابن تومرت بهذا النهج يكون قد وافق الرافضة الإثنى عشرية الذين قالوا بالعصمة لأئمتهم حيث يقولون بوجوب عصمتهم من الكبائر والصغائر والنسيان، كما قالوا إن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصومًا من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت، عمدًا وسهوًا، كما يجب أن يكون معصومًا من السهو والخطأ والنسيان.

وهكذا نرى كيف غالى ابن تومرت في القول بالعصمة لنفسه، وهذا بلا شك انحراف عقدي خطير لأن من جعل بعد الرسول معصومًا يجب الإيمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبوة وإن لم يعطه لفظها)) دولة الموحدين - الصلابي صـ 40

ثانيًا: ادعى أن المرابطين من المجسمة:

كان المرابطون يثبتون لله تعالى صفاته كما هي، لكن محمد بن تومرت أخذ فكر المعتزلة في نفي الصفات عن الله سبحانه وتعالى وهي قضية جدليّة طويلة لا نخوض في تفصيلاتها، وخلاصة الأمر في ذلك أنه لما أثبت أن المرابطين يُثبتون الصفات لله سبحانه وتعالى ادّعى أنهم من المجسمة، وتبعا لهذا الادعاء فقد راح يُكفر المرابطين، وادّعى بأن عليّ بن يوسف بن تاشفين ومن معه من الولاة والعلماء، ومن يعمل تحت حكمهم ومن يرضى بحكمهم، هو من الكافرين.

وهذا منحى خطير؛ إذ إنه كفّر حكام البلد التي كان يعيش فيها، وهي بلاد الأندلس والمغرب العربي في ذلك الوقت.

(( وبذلك يكون ابن تومرت قد وافق المعتزلة في نفيهم الصفات عن الله تعالى وكان يقول لأتباعه: "واشتغلوا بتعليم التوحيد فإنه أساس دينكم، حتى تنفوا عن الخالق الشبيه والشريك والنقائص والآفاق والحدودد والجهات ولا تجعلوه سبحانه في مكان أو جهة، فإنه تعالى موجود قبل الأمكنة والجهات فمن جعله في جهة ومكان فقد جسمه ومن جسمه فقد جعله مخلوقًا، ومن جعله مخلوقًا فهو كعابد وثن" لقد تبنى ابن تومرت منهج المعتزلة في الأسماء والصفات حيث نفى كل ما عساه أن يوهم الشبه والمثلية لله سبحانه حتى ولو كان ذلك من الأسماء والصفات الثابتة لله تعالى في الكتاب والسنة ولهذا سمّى أصحابه بالموحدين لأنهم في رأيه هم الذين يوحدون الله لنفيهم الصفات عنه سبحانه وتعالىن كما كان يسمي أتباعه بالمؤمنين ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم)) دولة الموحدين - الصلابي "نقلًا عن مصادر متعددة"

ثالثًا: استحل دماء المرابطين:

وتبعًا لهذا التكفير السابق لغير الموحدين استحل محمد بن تومرت دماء المرابطين، ومن ثَمَّ فقد أمر بالخروج عليهم وقتلهم، وأنه ليس هناك إثم في ذلك، بل إن قتلهم فيه إحراز لثواب عظيم، وقد كان متساهلًا في الدماء، وهي خاصية من خصائص الخوارج الذين تعلم على أيدي بعضهم كما ذكرنا أثناء رحلته لطلب العلم.

كان ابن تومرت يهدف إلى هدم دولة المرابطين من جذورها وبناء دولة الموحدين على أنقاضها مهما كلفه ذلك، وقد استباح في ذلك الدماء والأرواح والأموال، وكانت غايته تلك مبررة - من وجهة نظره - لكل وسيلة، وكان لا يتردد في قتل من يشك في إيمانه بما يدعيه من مبادئ حتى ولو كان من أتباعه...

وقد كان ابن تومرت يقوم بما يسمّى بعلمية التمييز أي تمييز الصادقين من أتباعه من المداهنيين والمنافقين والمخالفين ويقوم بقتلهم على الفور ليظل صفه قويًا.

ومن المعلوم أن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس، وما فعله هذا الآثِم إنما هو اعتداء بغير حق على الأنفس التي حرم الله إزهاقها، وفي فعله هذا انحراف واضح عن الشرع وارتكاب متعمد للكبائر وقد قال الله تعالى: [وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا] {النساء: 93}.

يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم، الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله، حيث يقول، سبحانه، في سورة الفرقان: [وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ]... {الفرقان: 68} وقال تعالى: [قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئً] إلى أن قال: [ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ] {الأنعام: 151}.والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جدًا...منها: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم وفي الحديث الآخر: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ صححه الألباني، وفي الحديث أيضًا: من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله. ضعفه الألباني.هـ

إن أمر القتل في غاية الخطورة ولا يستحله إلا من تجرد من كل معاني الأخلاق والرحمة ومن كل المعاني الإنسانية...

وفي البخاري ومسلم... عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنْ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ.

يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله: إنها جريمة قتل لا لنفس فحسب - بغير حق - ولكنها كذلك جريمة قتل للوشيجة العزيزة الحبيبة الكريمة العظيمة، التي أنشأها الله بين المسلم والمسلم. إنها تنكّر للإيمان ذاته وللعقيدة نفسه.

ومن ثَمّ قرنت بالشرك في مواضع كثيرة؛ واتجه بعضهم - ومنهم ابن عباس - إلى أنه لا توبة منه.. ولكن البعض الآخر استند إلى قوله تعالى: [إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء].. فرجا للقاتل التائب المغفرة.. وفسر الخلود بأنه الدهر الطويل.

والذين تربوا في مدرسة الإسلام الأولى، كانوا يرون قاتلي آبائهم وأبنائهم وإخوانهم، - قبل إسلامهم - يمشون على الأرض - وقد دخلوا في الإسلام - فيهيّج في نفوس بعضهم ما يهيج من المرارة. ولكنهم لا يفكرون في قتلهم. لا يفكرون مرة واحدة؛ ولا يخطر لهم هذا الخاطر في أشد الحالات وجداً ولذعاً ومرارة. بل إنهم لم يفكروا في إنقاصهم حقاً واحداً من حقوقهم التي يخولها لهم الإسلام.. هـ

كان لا بدّ لنا من هذا الوقفة مع هذا الأمر الخطير؛ أمر الدماء التي استحلها هذا الآثم المخادع، أما عملية التمييز التي سبق الإشارة إليها فقد استعان فيها "ابن تومرت" برجل على شاكلته يُسمّى "أبو عبد الله بن محسن الونشريسي" وكان يُلقبه بالبشير إمعانًا في خداع الناس وإضلالهم، وقد طلب "ابن تومرت" من هذا الفاسق أن يخفي علمه وحفظه للقرآن ويظهر أمام القبائل كأنه مجنون يسيل لعابه على وجهه...

قال "الذهبي" في "سير أعلام النبلاء" جـ 19 / صـ 546: فلما كان عام تسعة عشر وخمسمائة، خرج يومًا، فقال: تعلمون أن البشير - يريد الونشريسي - رجل أمي، ولا يثبت على دابة، فقد جعله الله مبشرًا لكم، مطلعا على أسراركم، وهو آية لكم، قد حفظ القرآن، وتعلم الركوب، وقال: اقرأ، فقرأ الختمة في أربعة أيام، وركب حصانا وساقه، فبهتوا، وعدوها آية لغباوتهم، فقام خطيبا، وتلا: [ليميز الله الخبيث من الطيب] {الانفال: 37}، وتلا: [منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون] {آل عمران: 110}، فهذا البشير مطلع على الأنفس، ملهم، ونبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: " إن في هذه الامة محدثين، وإن عمر منهم" وقد صَحِبَنَا أقوام أطلعه الله على سرهم، ولا بد من النظر في أمرهم، وتيمم العدل فيهم، ثم نودي في جبال المصامدة: من كان مطيعا للإمام، فليأت، فأقبلوا يهرعون، فكانوا يعرضون على البشير، فيخرج قومًا على يمينه، ويعدهم من أهل الجنة، وقوما على يساره، فيقول: هؤلاء شاكّون في الامر، وكان يؤتى بالرجال منهم، فيقول: هذا تائب ردّوه على اليمين تاب البارحة، فيعترف بما قال، واتفقت له فيهم عجائب، حتى كان يطلق أهل اليسار، وهم يعلمون أن مآلهم إلى القتل، فلا يفرّ منهم أحد، وإذا تجمع منهم عدة، قتلهم قراباتهم حتى يقتل الاخ أخاه...!!!

وأورد "ابن الأثير" في كتابه "الكامل في التاريخ" هذا الأمر فقال: وكان الونشريشي يلزم الاشتغال بالقرآن والعلم في السر بحيث لا يعلم أحد ذلك منه، فلما كان سنة تسع عشرة وخاف المهدي - ابن تومرت - من أهل الجبل، خرج يوماً لصلاة الصبح، فرأى إلى جانب محرابه إنساناً حسن الثياب، طيب الريح، فأظهر أنه لا يعرفه، وقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو عبد الله الونشريشي! فقال له المهدي: إن أمرك لعجب! ثم صلى، فلما فرغ من صلاته نادى في الناس فحضروا، فقال: إن هذا الرجل يزعم أنه الونشريشي، فانظروه، وحققوا أمره. فلما أضاء النهار عرفوه، فقال له المهدي: ما قصتك؟ قال: إنني أتاني الليلة ملك من السماء، فغسل قلبي، وعلمني الله القرآن، والموطأ، وغيره من العلوم والأحاديث. فبكى المهدي بحضرة الناس، ثم قال له: نحن نمتحنك، فقال: افعل.

وابتدأ يقرأ القرآن قراءة حسنة من أي موضع سئل، وكذلك الموطأ، وغيره من كتب الفقه والأصول، فعجب الناس من ذلك، واستعظموه.

ثم قال لهم: إن الله تعالى قد أعطاني نوراً أعرف به أهل الجنة من أهل النار، وآمركم أن تقتلوا أهل النار، وتتركوا أهل الجنة، وقد أنزل الله تعالى ملائكة إلى البئر التي في المكان الفلاني يشهدون بصدقي.

فسار المهدي، والناس معه وهم يبكون، إلى تلك البئر، وصلى المهدي عند رأسها، وقال: يا ملائكة الله، إن أبا عبد الله الونشريشي قد زعم كيت وكيت، فقال من بها: صدق! وكان قد وضع فيها رجالاً يشهدون بذلك، فلما قيل ذلك من البئر، قال المهدي: إن هذه مطهرة مقدسة قد نزل إليها الملائكة، والمصلحة أن تطم لئلا يقع فيها نجاسة، أو ما لا يجوز، فألقوا فيها من الحجارة والتراب ما طمها - وبهذا يكون قد قتل الرجال الذين اتفق معهم على هذا القول لئلا يفتضح أمره - ثم نادى في أهل الجبل بالحضور إلى ذلك المكان، فحضروا للتمييز، فكان الونشريشي يعمد إلى الرجل الذي يخاف ناحيته، فيقول: هذا من أهل النار، فيلقى من الجبل مقتولاً، وإلى الشاب الغرّ، ومن لا يخشى، فيقول: هذا من أهل الجنة، فيترك على يمينه، فكان عدة القتلى سبعين ألفاً. فلما فرغ من ذلك أمن على نفسه وأصحابه....هـ

هذا فعل ابن تومرت بمن معه فكيف يكون فعله بالمرابطين إنه - بلا شك - سيكون أشد وأنكى...



وقفة مع محمد بن تومرت وجماعته الموحّدة

في جماعته الجديدة كان محمد بن تومرت يقتل العشرات من المخالفين له حتى من فرقته وجماعته (الموحدين)، فالذي يخالفه في الرأي ليس له من دواء إلا القتل، وهو أمر في غاية الغرابة نظرًا لما عنده من العلم الغزير، وأغرب منه كان ادعاؤه بعض الخوارق، وأنه هو المهدي المنتظر...!!

ولا شك في أن يعتقد صدَقه وما يذهب إليه من أقواله تلك كثيرٌ من الناس، وذلك كما ذكرنا لانشغال علماء الدولة بالأمور الفرعية عن تعليم هؤلاء الناس أصول العقائد وأصول العبادات، فقد أقام العلماء جدارًا عازلًا بينهم وبين العامة الذين لا يعرفون أين الحق وأين الصواب، والذين لا يستطيعون أن يميزوا بين الغث والسمين...

من هنا حين رأى مثل هؤلاء الناس رجلًا مثل محمد بن تومرت في شخص العالم الكبير، وهو يروي من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فلان وفلان، ثم هو يحفظ كتاب الله ويعلم سير الصالحين والسابقين، ويعلم فقه كذا وكذا، حين رأوا ذلك ما كان منهم إلا أن يسمعوا ويطيعوا لما يقوله وما يمليه عليهم عالمهم ومعلمهم، وقد اعتقدوا جميعًا بعصمته واعتقدوا جميعًا بِحلِّ قتل المرابطين، بل والثواب الجزيل على قتلهم.

ولنا أن نتخيل مثل هذا الأمر في حق المرابطين الذين فتحوا البلاد وأقاموا صرح الاسلام في بلاد المغرب والأندلس لسنوات وسنوات، الآن وبعد ظهور بعض المنكرات في بلادهم، وبعد انشغالهم بالجهاد عن التعليم أصبحوا يُكفّرون وتحل دماؤهم ويقَاتَلون من قبل جماعة الموّحدين، ذلك الاسم (الموحدين) الذي فيه إشارة قوية إلى أن غيرهم كفار وليسوا بموحدين أو مسلمين.



المرابطون والموحدون وقتال الأعداء

من هذا المنطلق السابق حمل محمد بن تومرت على عاتقه وجماعته - الموحدون - أمر مقاتلة المرابطين وسفك دمهم، وقد التقوا مع المرابطين في مواقع عديدة، كان منها تسع مواقع ضخمة انتهت سبع منها بانتصارهم على المرابطين، وهُزموا في اثنتين.

ومن مواقعهم مع المرابطين كان هناك على سبيل المثال واحدة في سنة 518 هـ= 1124 م قُتل فيها من المرابطين خمسة عشر ألف مسلم على أيدي الموحدين، خمسة عشر ألف مسلم ممن كانوا شوكة في عنق النصارى لسنوات وسنوات يقتلهم الموحدون حتى يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ويقيموا دولة على نهج الله ونهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

موقعة البحيرة أو البستان:

كانت موقعة البحيرة أو موقعة البستان، في سنة 524 هـ= 1130 م والتي انتصر فيها المرابطون على الموحدين، وقتل فيها من الموحدين أربعون ألفا.

وهذه المعركة - البستان أو البحيرة - هي التي سُبقت بما أسماه التمييز حيث قام ابن تومرت بقتل كل من يشك في ولائه له، بل جعله أهلهم وأقرباؤهم هم الذين يقتلونهم - كما سبق الإشارة إلى هذا الأمر -.

قال ابن الأثير: فجهز المهدي - ابن تومرت - جيشاً كثيفاً يبلغون أربعين ألفاً، أكثرهم رجالة، وجعل عليهم الونشريشي، وسير معهم عبد المؤمن، فنزلوا وساروا إلى مراكش فحصروها، وضيقوا عليها، وبها أمير المسلمين علي بن يوسف، فبقي الحصار عليها عشرين يوماً، فأرسل أمير المسلمين إلى متولي سجلماسة يأمره أن يحضر ومعه الجيوش، فجمع جيشاً كثيراً وسار، فلما قارب عسكر المهدي خرج أهل مراكش من غير الجهة التي أقبل منها، فاقتتلوا، واشتد القتال، وكثر القتل في أصحاب المهدي، فقتل الونشريشي أميرهم، فاجتمعوا إلى عبد المؤمن وجعلوه أميراً عليهم.

ولم يزل القتال بينهم عامة النهار، وصلى عبد المؤمن صلاة الخوف، الظهر والعصر، والحرب قائمة، ولم تصل بالمغرب قبل ذلك، فلما رأى المصامدة كثرة المرابطين، وقوتهم، أسندوا ظهورهم إلى بستان كبير هناك، والبستان يسمى عندهم البحيرة، فلهذا قيل وقعة البحيرة، وعام البحيرة، وصاروا يقاتلون من جهة واحدة إلى أن أدركهم الليل، وقد قتل من المصامدة أكثرهم، وحين قتل الونشريشي دفنه عبد المؤمن، فطلبه المصامدة، فلم يروه في القتلى، فقالوا: رفعته الملائكة، ولما جنهم الليل سار عبد المؤمن ومن سلم من القتلى إلى الجبل...

لم يكن ابن تومرت ليصيبه اليأس بمجرد أن هُزم أصحابه وبدأوا يشكون في مهديته المزعومة، بل إنه لجأ إلى الحيلة والكذب وبدأ يبعث الأمل في نفوس أصحابه من جديد بأنهم على الحق، وأن هؤلاء الملثمين على الباطل ولا بد أن يُهزموا...

قال المراكشي في المعجب: ولما رجع القوم إلى ابن تومرت جعل يهون عليهم أمر الهزيمة ويقرر عندهم أن قتلاهم شهداء لأنهم ذابون عن دين الله مظهرون للسنة فزادهم ذلك بصيرة في أمرهم وحرصاً على لقاء عدوهم ومن حينئذ جعل المصامدة يشنون الغارات على نواحي مراكش ويقطعون عنها مواد المعايش وموصول المرافق ويقتلون ويسبون ولا يبقون على أحد ممن قدروا عليه وكثر الداخلون في طاعتهم والمنحاشون إليهم وابن تومرت في ذلك كله يكثر التزهد والتقلل ويظهر التشبه بالصالحين والتشدد في إقامة الحدود جارياً في ذلك على السنة الأولى.

أخبرني من رآه - ممن أثق إليه - يضرب الناس على الخمر بالأكمام والنعال وعسب النخل متشبها في ذلك بالصحابة.

ولقد أخبرني بعض من شهده وقد أتى برجل سكران فأمر بحدة فقال: رجل من وجوه أصحابه يسمى يوسف بن سليمان لو شددنا عليه حتى يخبرنا من أين شربها لنحسم هذه العلة من أصلها! فأعرض عنه ثم أعاد عليه الحديث فأعرض عنه فلما كان في الثالثة قال: له أرأيت لو قال: لنا شربتها في دار يوسف بن سليمان ما نحن صانعون؟ فاستحيا الرجل وسكت ثم كشف على الأمر فإذا عبيد ذلك الرجل سقوه فكان هذا من جملة ما زادهم به فتنة وتعظيماً إلى أشياء كان يخبر بها فتقع كما يخبر.

ولم يزل كذلك وأحواله صالحة وأصحابه ظاهرون وأحوال المرابطين المذكورين تختل وانتقاض دولتهم يتزيد إلى أن توفي ابن تومرت بعد أن أسس الأمور وأحكم التدبير ورسم لهم ما هم فاعلوه.... هـ

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: وقد بلغني - فيما يقال -: أن ابن تومرت أخفى رجالًا في قبور دوارس، وجاء في جماعة ليريهم آية، يعني فصاح: أيها الموتى أجيبوا، فأجابوه: أنت المهدي المعصوم، وأنت وأنت، ثم إنه خاف من انتشار الحيلة، فخسف فوقهم القبور فماتوا...

لم يلبث ابن تومرت أن توفي بعد هذه معركة البحيرة ليترك أصحابه بعد أن أمّر عليهم عبد المؤمن، ولما مات كفنه عبد المؤمن بن علي وصلى عليه ودفنه بمسجده كما أوصاه...

(( وهكذا انتهت حياة ابن تومرت ومصير دعوته مجهول بسبب ما حاق بأتباعه من هزيمة نكراء في موقعة البحيرة، ولكنه قد نجح في ترسيخ دعوته في قلوب أتباعه حتى صدقوه وآمنوا بمهديته، وأطاعوه ولو في قتل أبنائهم، وهذا ما حصل فعلًا في عملية التمييز التي تقشعر لها الأبدان حيث قتلت كل قبيلة بعض فلذات أكبادها دون تردد أو حيرة.

لقد ساعد ابن تومرت في تحقيق أهدافه سذاجة المجتمع وجهله، وكان عششت في ذهنه من الأساطير والانحرافات حتى عاد غريبًا عن منهج الإسلام الصافي...))... إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين - الصلابي



وصية ابن تومرت والبيعة لعبد المؤمن

أورد "عبد الواحد المراكشي" في "المعجب" أن ابن تومرت قبل موته بأيام يسيرة استدعى هؤلاء المسمّين بالجماعة وأهل خمسين وهم - كما ذكرنا - من قبائل مفترقة لا يجمعهم إلا اسم المصامدة فلما حضروا بين يديه قام وكان متكئاً فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على محمد نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أنشأ يترضى عن الخلفاء الراشدين - رضوان الله عليهم - ويذكر ما كانوا عليه من الثبات في دينهم والعزيمة في أمرهم وأن أحدهم كان لا تأخذه في الله لومة لائم وذكر من حد عمر رضي الله عنه ابنه في الخمر وتصميمه على الحق في أشباه لهذه الفصول ثم قال: فانقرضت هذه العصابة - نضّر الله وجوهها وشكر لها سعيها وجزاها خيراً عن أمة نبيها - وخبطت الناس فتنة تركت الحليم حيران والعالم متجاهلاً مداهناً فلم ينتفع العلماء بعلمهم بل قصدوا به الملوك واجتلبوا به الدنيا وأمالوا وجوه الناس إليهم... ثم إن الله - سبحانه وله الحمد - من عليكم أيتها الطائفة بتأييده وخصكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة توحيده وقيض لكم من ألفاكم ضلالاً لا تهتدون وعمياً لا تبصرون لا تعرفون معروفاً ولا تنكرون منكراً قد فشت فيكم البدع واستهوتكم الأباطيل وزين لكم الشيطان أضاليل وترهات أنزه لساني عن النصق بها وأربأ بلفظي عن ذكرها فهداكم الله به بعد الضلالة وبصركم بعد العمى وجمعكم بعد الفرقة وأعزكم بعد الذلة ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين وسيورثكم أرضهم وديارهم ذلك بما كسبته أيديهم وأضمرته قلوبهم وما ربك بظلام للعبيد فجددوا لله - سبحانه خالص نياتكم وأروه من الشكر قولاً وفعلاً ما يزكي به سعيكم ويتقبل أعمالكم وينشر أمركم واحذروا الفرقة واختلاف الكلمة وشتات الآراء وكونوا يداً واحدة على عدوكم فإنكم إن فعلتم ذلك هابكم الناس وأسرعوا إلى طاعتكم وكثر أتباعكم وأظهر الله الحق على أيديكم وإلا تفعلوا شملكم الذل وعمكم الصغار واحتقرتكم العامة فخطفتكم الخاصة وعليكم في جميع أموركم بمزج الرأفة بالغلظة واللين بالعنف واعلموا مع هذا أنه لا يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا على الذي صلح عليه أمر أولها وقد اخترنا لكم رجلاً منكم وجعلناه أميراً عليكم هذا بعد أن بلوناه في جميع أحواله من ليله ونهاره ومدخله ومخرجه واختبرنا سريرته وعلانيته فرأيناه في ذلك كله ثبتاً في دينه متبصراً في أمره وإني لأرجو ألا يخلف الظن فيه وهذا المشار إليه هو عبد المؤمن فاسمعوا له وأطيعوا ما دام سامعاً مطيعاً لربه فإن بدل أو نكص على عقبه أو ارتاب في أمره ففي الموحدين أعزهم الله بركة وخير كثير والأمر أمر الله يقلده من شاء من عباده.

فبايع القوم عبد المؤمن ودعا لهم ابن تومرت ومسح وجوههم وصدورهم واحداً واحداً فهذا سبب إمرة عبد المؤمن ثم توفي ابن تومرت بعد عهد بيسير واجتمع أمر المصامدة على عبد المؤمن

عبد المؤمن الموحدي سنة (555هـ، 1160م) واستولى على تونس وأدرك ما لوجود الأعراب من خطورة على استتباب الأمن واستقرار الملك واصطحب عددا من قبائل الأعراب فوزعها بين سهول المغرب وشبه جزيرة الأندلس"وادخلهم الجيش .

لكنهم اكثروا القتل والسبي والتنكيل بي الصنهاجين

"ومن ذلك العهد أدركت حالة القبائل التونسية بعض الاستقرار وخلصت الأراضي التونسية ". كما أنه شارك القبائل الهلالية والسليمية في هذه المواطن بني معقل، واستوطن بنو معقل مع القرامطة قبل دخولهم المغرب، وعندما دخلوه كان عددهم قليل إذ لم يتجاوز المائتين فاعترضهم بنو سليم، فتحيزوا إلى الهلاليين ونشبت حروب بينهم ونزلوا بآخر مواطنهم وذلك قرب وادي ملوية ورمال تافيلالت وجاوروا زناتة في القفار، ثم كثر عددهم ـ بعد ذلك ـ وانتشروا في صحراء المغرب الأقصى، واستقر بنو المعقل في جميع الأقطار الصحراوية الواقعة بين المحيط الأطلسي وتيديلكت ومن ثم استقروا في موريتانيا. وحول وجود الهلاليين في غرب إفريقيا فهم وصلوا المغرب الأقصى في نهاية القرن الخامس للهجرة

وتعد اكبر معاقل الهلالين اليوم في افريقيا الصحراء الغربية ومورتانيا


بسمة
عضو دهبي
عضو دهبي

انثى عدد المساهمات : 3099
نقاط : 35040
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 12/07/2010
العمر : 32

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى