تأييد القداح في كنانية عتيبة الأقحاح

تأييد القداح في كنانية عتيبة الأقحاح

بقلم

أحمد بن سليمان ابو بكرة الترباني



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبعد :


قال الرب سبحانه (( ‏‏الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ )) ( الزمر 18)

والحق أحق أن يتبع , فقد كتبت مقالة قبل زمن بعنوان ( ارشاد الحيران للسبيل الواضح في انساب العتبان ) وقد نسبت عتيبه الى هوازن , إلا أنني عكفت على دراسة ماذهب اليه الأخ الاستاذ تركي القداح , وأطلعت على وثيقة النفعة ( حجة الديرة ) فوجدتها أدلة واضحة كفلق الصبح في اثبات ان (( عتيبة من كنانة )) .

ومن هنا فإني أتراجع عن كلامي في ( ارشاد الحيران ) وأقول بكنانية عتيبة .



فقد يقول قائل : المشهور أن عتيبة من هوازن , والقداح شذ عن المشهور .

قلت : من المعلوم عند اهل العلم ان الشهرة لا تثبت النسب , وهذه الدولة الفاطمية سار بنسبها الركبان على انهم من الأشراف وذاع صيت هذا النسب في كل البقاع , ومع هذا فقد قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) (11/188) : (( اول خلفاء الفاطميين الكذبة هو ابومحمد عبيدالله المدعي انه علوي )) .

وقد صنف الباقلاني كتاب في إبطال نسب الدولة الفاطمية وسماه (( كشف الاسرار وهتك الاستار )) وكذلك صنف الامام ابو شامه كتاب في إبطال انسابهم وسماه (( كشف ماكان عليه بنو عبيد من الكفر والكذب والكر والكيد )) وكذلك صنف في إبطال انسابهم جمع من العلماء كالقدوري وابن الجوزي وابو حامد الاسفراييني وغيرهم .

ولهذا فإن الشهرة لا تثبت النسب , والذي أراه ان الإشكال الذي وقع فيه بعض أهل العلم هو تشابه الاسماء , ولا سيما أن اسم ( بنو سعد ) يذهب به البعض الى بنو سعد هوازن , والبحث العلمي يؤكد ان بنو سعد هوازن تركوا الجزيرة وانتقلوا الى بلاد الاندلس ومصر وليبيا وغيرها وكذلك بنو سليم .

ولهذا فقد بوب أهل العلم باب (( المتفق اسما والمختلف نسبا )) وذلك لكثرة تشابه الاسماء كبنو كلب بطن من قضاعة وكذلك بطن من بجيلة وكذلك بطن من خثعم وكذلك بنو الذئب بطن من الازد وكذلك بطن من قضاعة , وقد بينت ذلك في كتابي (( أخبار الحيوان )) .

ومن هذا الباب فإن وثيقة النفعة (( حجة الديرة )) المؤرخة سنة 1005 للهجرة بينت ان بنو سعد هم (( بنو سعد بن حجاج بن مسعود بن اكوع بن عتيب )) جد قبيلة عتيبه اليوم , ولكثرة الاقوال المتضاربة والمتناقضة حول نسب عتيبه فإن وثيقة النفعة ( حجة الديرة ) هي الفاصل بين الحق والباطل .



(( فوائد عزيزة من وثيقة النفعة ( حجة الديرة ) ))


من فوائد هذه الوثيقة العزيزة ما يلي :


1ـ أن هذه الوثيقة وضحت من هم ( بنو سعد ) التي حملها الباحثين على انهم من بنو سعد هوازن , ولهذا فإن ( بنو سعد ) قيدتها وثيقة ( حجة الديرة ) بأنهم بنو سعد بن حجاج بن مسعود بن اكوع بن عتيب بن كعب بن هوازم بن صالح بن شباب .

ولهذا وجب بعد الإطلاع على وثيقة النفعة ( حجة الديرة ) (( حمل المطلق على المقيد )) فيحمل اسم بنو سعد ليس على هوازن انما يحمل على بنو سعد بن حجاج بن مسعود بن اكوع بن عتيب ,

وذلك لأن بنو سعد هوازن (( ليس لهم أثر يقص في جنوب الطائف )) .


2ـ أن هذه الوثيقة أبطلت ماذهب اليه بعض البحاث في هوازنية عتيبه , وذلك لأن إذا وجد الاضطراب وتضارب الأقوال يرجح القول الأقدم والأصوب , وحجة الديرة ( وثيقة النفعة ) تخالف ماذهب اليه البحاث اليوم , ولا سيما ان وثيقة النفعة (( سندها عالي )) .


3ـ أن هذه الوثيقة بينت أن كبار النفعة في ذلك الوقت ينتسبون الى سعد بن حجاج بن مسعود بن اكوع بن عتيب , فلو كانوا من بني سعد هوازن , لوجد ذلك في وثيقة النفعة ولا سيما انها (( حجة ديار )) وشيوخ النفعه في ذلك الوقت أثبت وأحفظ لأنسابهم .

4ـ أن هذه الوثيقة حجة بذاتها , ولا سيما وقد أملاها شيوخ النفعة قبل 427 سنة .

5ـ أن هذه الوثيقة بينت أن بنو سعد في جنوب الطائف هم ( بنو سعد بن حجاج من بني مالك بن كنانة ) وهذه الوثيقة تسلم على نصوص الهمداني والازهري والبلاذري .

6ـ ان هذه الوثيقة تبين ان قبيلة عتيبه قبل 427 سنة كانوا ينتسبون ويعرفون ببنو سعد بن حجاج من كنانة , وكذلك يعرفون بهذا النسب عند القبائل المجاورة كمطير وبلحارث وعدوان واقرار الشريف الحسن بن نمي , وهذا يدل ان عتيبه في ذلك الوقت تعرف ( ببني سعد بن حجاج بن مسعود بن اكوع بن عتيب ) .

7ـ أن هذه الوثيقة تبطل أقوال العوام .


ومن باب حفظ الأنساب فإن قبيلة عتيبة الكريمة من ( بني سعد بن حجاج من شبابة من بني مالك بن كنانة ) .

وأذكر نفسي وأذكر الإخوة الكرام بقول النبي ( عليه الصلاة والسلام ) حين قدم عليه وفد كنده , وكان فيهم ( الجفشيش الكندي ) وقد أدعى الجفشيش الكندي ان ( بنو هاشم ) من كنده , فرد عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : (( كذبتم نحن بنو النضر بن كنانة لا ننفوا منا ولا ننتفي من أبينا )).

أخرجة ابن عبدالبر في ( الاستيعاب ) (1/135)


وكفى عتيبة فخرا انهم من ( كنانة ) .


وقد أطلعت على بعض الردود على أخينا الأستاذ تركي القداح , فوجدت ردودهم عليه لا تغني ولا تسمن , ولا يحق للخصم ان ينقض وثيقة النفعه ( حجة الديرة ) إلا ان يأتي بوثيقة مماثلة وان تكون في زمن وثيقة النفعة , وغير ذلك فلا يجوز نقض هذه الوثيقة العزيزة .

وقد سمعت بعض الإتهامات حول الاخ الاستاذ تركي القداح , فتذكرت قول الامام احمد في صدد كلامه عن اهل العلم كما في ( الرد على الجهمية ) (7) قال الامام احمد : (( فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم )) .

فإن اثر الناس اليوم على صاحب الدليل الاتهامات والاكاذيب والشتم والله المستعان .

وقد حصل لي ما حصل حين تكلمت على بعض انساب ( دعاة الفكر التكفيري بقايا الشراكسه ) فقد نشر عني الاكاذيب والشائعات التي ادخرها ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ) .

وكنت اتمنى من البعض ان يتحلى بحلية طالب العلم وادب الحوار , وأن يحترموا الدليل وان خالفهم , ومما يذكر من صور ردود اهل العلم ما جاء عند ابن حبان في ( الثقات ) (7/380) قال : (( لم يكن بالحجاز أحد اعلم بأنساب الناس وايامهم من محمد بن اسحاق وكان يزعم ان مالكا من موالي ذي أصبح وكان مالك يزعم انه من انفسهم فوقع بينهما لهذا مفاوضة ...... ))

فلم نسمع ان الامام مالك حذر ونشر الاتهامات في حق النسابة محمد بن اسحاق , بل أحترم رأيه وحصل بينهم نقاش ومفاوضة وهذا هو ديدن اهل العلم .

ولكن لو عاش النسابة محمد بن اسحاق في زماننا لأصبح كالشن البالي من الاتهامات والاكاذيب التي تقال فيه .

بل كيف لو سمع النسابة محمد بن اسحاق انتساب ( اصحاب الوجوه الحمر ) لقبيلة عتيبة الكنانية ؟؟؟

وكيف لو سمع وشاهد النسابه محمد بن اسحاق انتساب اهل التصوف اصحاب الخرق للنسب العلوي ؟؟؟

ولله در الشاعر حين قال :


يقضى على المرء في ايام محنته
حتى يرى حسنا ماليس بالحسن


وفي ختام هذه الرساله : إعلم رحمك الله ان قبيلة عتيبه الكريمة كنانية النسب , هذا ما احببت تبيانه وأسأل الله ان تكون هذه الرساله في ميزان حسناتي .


كتبه

أحمد بن سليمان ابوبكرة الترباني


رابط الموضوع الاصلي
http://www.alnssabon.com/showthread.php?t=18935