بحـث
مواضيع مماثلة
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 214 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 214 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 4:07 pm
التسجيل السريع
// Visit our site at http://java.bdr130.net/ for more code
12>مسؤولية التربية النفسية - ظاهرة الخوف
Oued Taga - وادي الطاقة :: منتدى الأسرة و المجتمع :: منتدى المجتمع :: قسم تربية الابناء وما يخص الطفل المسلم
صفحة 1 من اصل 1
مسؤولية التربية النفسية - ظاهرة الخوف
ظاهرة الخوف حالة نفسية تعتري الصغار والكبار، والذكور والإناث.. وقد تكون هذه الظاهرة مستحبة إن كانت ضمن الحدود الطبيعية لدى الأطفال، لأنها تكون وسيلة في حماية الطفل من الحوادث، وتُجنّبه كثيراً من الأخطار..
ولكن إذا ازداد الخوف عن الحد المعتاد، وتجاوز حدود الطبيعة.. فإنه يسبب في الأطفال قلقاً نفسيّاً، فعنده يعتبر مشكلة نفسية يجب معالجتها والنظر فيها.
يقول المختصون بعلم نفس الأطفال: (إنّ الطفل في السنة الأولى قد يبدي علامات الخوف عند حدوث ضجة مفاجئة أو سقوط شيء بشكل مفاجئ أو ما شابه ذلك.. ويخاف الطفل من الأشخاص الغرباء اعتباراً من الشهر السادس تقريباً، وأما الطفل في سنته الثالثة فإنه يخاف أشياء كثيرة من الحيوانات والسيارات والمنحدرات والمياه وما شابه هذا..
وبوجه عام فإن الإناث أكثر إظهاراً للخوف من الذكور، كما تختلف شدته تبعاً لشدة تخيل الطفل، فكلما كان أكثر تخيلاً كان أكثر تخوّفاً)[1].
ولازدياد الخوف لدى الأطفال عوامل وأسباب، نذكر أهمها:
· تخويف الأم وليدها بالأشباح أو الظلام أو المخلوقات الغريبة.
· دلال الأم المفرط، وقلقها الزائد، وتحسسها الشديد.
· تربية الولد على العزلة والانطوائية والاحتماء بجدران المنزل.
· سرد القصص الخيالية التي تتصل بالجن والعفاريت.
... إلى غير ذلك من هذه العوامل والأسباب.
ولعلاج هذه الظاهرة في الأطفال يجب مراعاة الأمور التالية:
1- تنشئة الولد منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله، والعبادة له، والتسليم لجنابه في كل ما ينوب ويروع.. ولا شك أن الولد يُربّى على هذه المعاني الإيمانية، ويعوّد على هذه العبادات البدنية والروحية.. فإنه لا يخاف إذا ابتلى، ولا يهلع إذا أصيب.. وإلى هذا أرشد القرآن الكريم حين قال:
{إن الإنسان خُلق هلوعاً. إذا مسّه الشر جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلين الذين ههم على صلاتهم دائمون} المعارج: 23.
2- إعطاؤه حرية التصرف، وتحمل المسؤولية، وممارسة الأمور على قدر نموّه، ومراحل تطوره، ليدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
3- عدم إخافة الولد – ولا سيما عند البكاء – بالغول والضبع، والحرامي، والجني والعفريت.. ليتحرر الولد من شبح الخوف وينشأ على الشجاعة والإقدام.. ويدخل في عموم الخيرية التي وجه إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله – فيما رواه مسلم – :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
4- تمكين الطفل منذ أن يعقل بالخلطة العملية مع الآخرين، وإتاحة المجال له للالتقاء بهم، والتعرف عليهم، ليشعر الطفل من قرارة وجدانه أنه محل عطف ومحبة واحترام مع كل من يجتمع به، ويتعرف عليه، ليكون من عداد من عناهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه بقوله – فيما رواه الحاكم والبيهقي - :"المؤمن آلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس".
ومما ينصح به علماء النفس والتربية: (ولا بأس بأن نجعل الطفل أكثر تعرفاً للشيء الذي يخيفه، فإذا كان يخاف الظلام فلا بأس بأن نداعبه بإطفاء النور ثم إشعاله، وإن كان يخاف الماء فلا بأس بأن نسمح له بأن يلعب بقليل من الماء في إناء صغير أو ما شابهه، وإن كان يخاف من آله كهربائية كمكنسة كهربائية مثلاً فلا بأس بأن نعطيه أجزائها ليلعب بها ثم نسمح له بأن يلعب بها كاملة، وهكذا...)[2].
5- تلقينهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومواقف السلف البطولية، وتأديبهم على التخلّق بأخلاق العظماء من القواد والفاتحين، الصحابة والتابعين.. ليتطبّعوا على الشجاعة الفائقة، والبطولة النادرة، وحب الجهاد، وإعلاء كلمة الله.
ولنستمع إلى ما يقوله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في هذا المعنى: "كنا نعلّم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن".
,i`i وصية عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – للآباء في تعليم أولادهم مبادئ الفتوّة والفروسية، ووسائل الحرب والجهاد – حين قال: "علموا أولادكم الرماية والسباحة، ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً".
وفي الحديث الذي رواه الطبراني: "أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن".. وما هذه التوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابة الكرام من بعده.. إلا برهان قاطع على اهتمام الإسلام بتربية الأولاد على الشجاعة، وحثّهم على الإقدام.. ليكونوا في المستقبل جيل الإسلام الصاعد في إشادة صرح الإسلام الشامخ، ورفع منار العزة الإسلامية في العالمين..
***
وفي المناسبة نقتطف من سيرة أبناء الصحابة الكرام مواقف بطولية خالدة كان لها في التاريخ ذكر، وفي الأجيال قدوة.. وما زالت أخبارهم مضرب الأمثال، وسيرتهم مفخرة الأجيال، ومواقفهم أعجوبة التاريخ:
(أ) لما خرج المسلمون إلى أُحُد للقاء المشركين، استعرض النبي صلى الله عليه وسلم الجيش، فرأى فيه صغاراً لم يبلغوا الحُلم حشروا أنفسهم مع الرجال، ليكونوا مع المجاهدين في إعلاء كلمة الله، فأشفق عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وردّ من استصغر منهم.
وكان فيمن ردّه عليه الصلاة والسلام رافع بن خديج، وسُمرة بن جُندب، ثم أجاز رافعاً لما قيل له: إنه رامٍ يحسن الرماية.
فبكى سمرة وقال لزوج أمه: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً وردّني مع أني أصرعه، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فأمرهما بالمصارعة، فكان الغالب سُمرة، فأجازه عليه الصلاة والسلام.
(ب) لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه إلى المدينه المنورة، وأقاما في غار ثور ثلاثة أيام، عملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر رضي الله عنهم في تهيئة الزاد لهما، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها – وهو ما يشد به الوسط – فربطت به على فم وعاء الطعام الذي كانت تحمله، فسميت لذلك: "ذات النطاقين"، وعمل عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما على نقل الأخبار، فلا يسمع من قريش أمراً يبيّونه من المكروه لهما إلا وعاه رضي الله عنه حتى يأتيهما في المساء بخبره، ويبقى عندهما بعض الوقت، ثم يخرج من عندهما بالسّحر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائماً فيها، ومن المعلوم أن عائشة وعبد الله رضي الله عنهما لم يبلغا الحلم بعد.
وهذه شجاعة نادرة لم يقو عليها كثير من الرجال!!..
(ج) أخرج الشيخان عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما.
فغمرني أحدهما فقال: يا عماه!!. أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ قال: أُخبرت أنه يسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده (أي شخصي شخصه) حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمرني الآخر فقال لي أيضاً مثلها، فلم ألبث أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس.
فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، فابتداره بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال أيكما قتله؟
قال كل منهما: أنا قتلتُه، قال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا.
قال: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين فقال: "كلاكما قتله؟ سَلَبه[3] لمعاذ بن عمرو بن الجموح" وكانا معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح.. رضي الله عنهما.
(د) وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي: أن امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحُد السيف فلم يُطق حمله، فشدته على ساعده بسير مضفور، ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله هذا ابني يقاتل عنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي بنيّ، احمل ها هنا، (أي اهجم ها هنا) فأصابته جراحة، فصُرع، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي بنيّ، لعلك جزعت!! قال الولد: لا يا رسول الله!!..
(هـ) وأخرج ابن سعد في طبقاته، والبزار وابن الأثير في الإصابة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت أخي عُمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيردّني، وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة، قال: فعُرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّه لصغره، فبكى فأجازه عليه الصلاة والسلام.
فكان سعد رضي الله عنه يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره. فقتل وهو ابن ست عشرة سنة رضي الله عنه وأرضاه.
فيؤخذ من هذه الأمثلة التاريخية وغيرها.. أن أبناء الصحابة رضي الله عنهم، كانوا على جانب عظيم من الشجاعة الفائقة، والبطولة النادرة، والجهاد الجريء.. وما ذاك إلا بفضل التربية القويمة التي تلقوها من مدرسة النبوة، والبيت المسلم، والمجتمع المؤمن المجاهد الشجاع!!.. بل كانت الأمهات يدفعن بأولادهن غلى ساحات الفداء والجهاد.. ويوم يسمعن خبر النعي، ونبأ الاستشهاد تقول إحداهن قولتها الخالدة: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني وإياهم يوم القيامة في مقر رحمته).
وبالتالي كان الآباء يربّون أولادهم منذ الصغر على الفروسية والشجاعة والرجولة والإقدام واقتحام الأخطار والشدائد.. حتى إذا بلغوا سن الحركة والانطلاق – وهم لم يناهزوا الحلم بعد – مضوا في مواكب التحرير والجهاد وابتغاء الرزق دعاة صادقين، وأبطالا مجاهدين، وطلابا للكسب عاملين!!..
ونذكر على سبيل المثال موقفاً نبيلا لغلام مؤمن يسأل أباه أنْ يُمَكّنه ليجوبَ مناكِبَ الأرض ويسعى في أرجائها عسى أن يفتح لنفسه طريق المجد، ويصل إلى قمة السعادة والكرامة.. بل كان يخاطب أباه بأبيات من الشعر تفيض عزة وأنفة وإباء!!..
اقذف السرج على المُـــهر وقرّطه اللجاما
ثم صبّ الدرع في رأ سي وناولني الحساما
فمتى أطلب إن لم أطلب الرزق غلاما
سأجوب الأرض أبغيـــه حلالاً لا حراما
فلعل الظَّعن ينفي الفــــقْر أو يُدني الحِماما.
ونشأ هذا الجيل الفريد على هذه الخصال، ودرجوا على هذه المكارم..
لأنهم تربوا منذ نعومة أظفارهم على الرماية والسباحة وركوب الخيل..
لأنهم لم يتربوا على الدلال المفرط، والانطوائية القاتلة.
لأنهم كانوا يشعرون بمسؤولياتهم، والثقة بأنفسهم..
لأنهم تعودوا على الاخشيشان، وألعاب الفروسية، وركوب متن الأسفار..
لأنهم أُدّبوا على أن يخالطوا من كان في سنهم من أبناء عمومتهم وعشيرتهم.
لأنهم كانوا يتلقنون سيرة الأبطال والشجعان، وأخبار الفاتحين والقواد..
إلى غير ذلك من هذه المكارم التي رضعوها، والتربية القويمة التي تلقنوها!!..
وهل يُنبت الخطيَّ إلا وشيجُه وتُغرَس إلا في منابتها النخل
ويوم يمشي الآباء والمربون على هذا المنهج العظيم الذي مشى عليه جدودنا البواسل والأمجاد..
ويوم يتربى أولادنا على هذه الخصال، وهاتيك المكارم..
ويوم يأخذون بقواعد التربية الصحيحة في تحرير الأولاد من الخوف والجبن والخور..
يوم يفعلون كل هذا، يتحول الجيل يومئذ من القلق إلى الثقة، ومن الخوف إلى الشجاعة، ومن الخور إلى العزيمة، ومن الخنوع والذلّة إلى حقيقة العزة والكرامة..
ويكون متحققاً بقوله تبارك وتعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون} المنافقون: 08.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] من كتاب المشكلات السلوكية عند الأطفال للدكتور نبيه الغبرة ص 150.
[2] من كتاب المشكلات... ص 152 للدكتور نبيه الغبرة.
[3] السلب: ما يملكه المتقول كعدة للحرب ونحوها.
ولكن إذا ازداد الخوف عن الحد المعتاد، وتجاوز حدود الطبيعة.. فإنه يسبب في الأطفال قلقاً نفسيّاً، فعنده يعتبر مشكلة نفسية يجب معالجتها والنظر فيها.
يقول المختصون بعلم نفس الأطفال: (إنّ الطفل في السنة الأولى قد يبدي علامات الخوف عند حدوث ضجة مفاجئة أو سقوط شيء بشكل مفاجئ أو ما شابه ذلك.. ويخاف الطفل من الأشخاص الغرباء اعتباراً من الشهر السادس تقريباً، وأما الطفل في سنته الثالثة فإنه يخاف أشياء كثيرة من الحيوانات والسيارات والمنحدرات والمياه وما شابه هذا..
وبوجه عام فإن الإناث أكثر إظهاراً للخوف من الذكور، كما تختلف شدته تبعاً لشدة تخيل الطفل، فكلما كان أكثر تخيلاً كان أكثر تخوّفاً)[1].
ولازدياد الخوف لدى الأطفال عوامل وأسباب، نذكر أهمها:
· تخويف الأم وليدها بالأشباح أو الظلام أو المخلوقات الغريبة.
· دلال الأم المفرط، وقلقها الزائد، وتحسسها الشديد.
· تربية الولد على العزلة والانطوائية والاحتماء بجدران المنزل.
· سرد القصص الخيالية التي تتصل بالجن والعفاريت.
... إلى غير ذلك من هذه العوامل والأسباب.
ولعلاج هذه الظاهرة في الأطفال يجب مراعاة الأمور التالية:
1- تنشئة الولد منذ نعومة أظفاره على الإيمان بالله، والعبادة له، والتسليم لجنابه في كل ما ينوب ويروع.. ولا شك أن الولد يُربّى على هذه المعاني الإيمانية، ويعوّد على هذه العبادات البدنية والروحية.. فإنه لا يخاف إذا ابتلى، ولا يهلع إذا أصيب.. وإلى هذا أرشد القرآن الكريم حين قال:
{إن الإنسان خُلق هلوعاً. إذا مسّه الشر جزوعاً. وإذا مسه الخير منوعاً. إلا المصلين الذين ههم على صلاتهم دائمون} المعارج: 23.
2- إعطاؤه حرية التصرف، وتحمل المسؤولية، وممارسة الأمور على قدر نموّه، ومراحل تطوره، ليدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
3- عدم إخافة الولد – ولا سيما عند البكاء – بالغول والضبع، والحرامي، والجني والعفريت.. ليتحرر الولد من شبح الخوف وينشأ على الشجاعة والإقدام.. ويدخل في عموم الخيرية التي وجه إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله – فيما رواه مسلم – :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
4- تمكين الطفل منذ أن يعقل بالخلطة العملية مع الآخرين، وإتاحة المجال له للالتقاء بهم، والتعرف عليهم، ليشعر الطفل من قرارة وجدانه أنه محل عطف ومحبة واحترام مع كل من يجتمع به، ويتعرف عليه، ليكون من عداد من عناهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه بقوله – فيما رواه الحاكم والبيهقي - :"المؤمن آلف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس".
ومما ينصح به علماء النفس والتربية: (ولا بأس بأن نجعل الطفل أكثر تعرفاً للشيء الذي يخيفه، فإذا كان يخاف الظلام فلا بأس بأن نداعبه بإطفاء النور ثم إشعاله، وإن كان يخاف الماء فلا بأس بأن نسمح له بأن يلعب بقليل من الماء في إناء صغير أو ما شابهه، وإن كان يخاف من آله كهربائية كمكنسة كهربائية مثلاً فلا بأس بأن نعطيه أجزائها ليلعب بها ثم نسمح له بأن يلعب بها كاملة، وهكذا...)[2].
5- تلقينهم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومواقف السلف البطولية، وتأديبهم على التخلّق بأخلاق العظماء من القواد والفاتحين، الصحابة والتابعين.. ليتطبّعوا على الشجاعة الفائقة، والبطولة النادرة، وحب الجهاد، وإعلاء كلمة الله.
ولنستمع إلى ما يقوله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في هذا المعنى: "كنا نعلّم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن".
,i`i وصية عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – للآباء في تعليم أولادهم مبادئ الفتوّة والفروسية، ووسائل الحرب والجهاد – حين قال: "علموا أولادكم الرماية والسباحة، ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً".
وفي الحديث الذي رواه الطبراني: "أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن".. وما هذه التوجيهات من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابة الكرام من بعده.. إلا برهان قاطع على اهتمام الإسلام بتربية الأولاد على الشجاعة، وحثّهم على الإقدام.. ليكونوا في المستقبل جيل الإسلام الصاعد في إشادة صرح الإسلام الشامخ، ورفع منار العزة الإسلامية في العالمين..
***
وفي المناسبة نقتطف من سيرة أبناء الصحابة الكرام مواقف بطولية خالدة كان لها في التاريخ ذكر، وفي الأجيال قدوة.. وما زالت أخبارهم مضرب الأمثال، وسيرتهم مفخرة الأجيال، ومواقفهم أعجوبة التاريخ:
(أ) لما خرج المسلمون إلى أُحُد للقاء المشركين، استعرض النبي صلى الله عليه وسلم الجيش، فرأى فيه صغاراً لم يبلغوا الحُلم حشروا أنفسهم مع الرجال، ليكونوا مع المجاهدين في إعلاء كلمة الله، فأشفق عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وردّ من استصغر منهم.
وكان فيمن ردّه عليه الصلاة والسلام رافع بن خديج، وسُمرة بن جُندب، ثم أجاز رافعاً لما قيل له: إنه رامٍ يحسن الرماية.
فبكى سمرة وقال لزوج أمه: أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً وردّني مع أني أصرعه، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، فأمرهما بالمصارعة، فكان الغالب سُمرة، فأجازه عليه الصلاة والسلام.
(ب) لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه إلى المدينه المنورة، وأقاما في غار ثور ثلاثة أيام، عملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر رضي الله عنهم في تهيئة الزاد لهما، وقطعت أسماء قطعة من نطاقها – وهو ما يشد به الوسط – فربطت به على فم وعاء الطعام الذي كانت تحمله، فسميت لذلك: "ذات النطاقين"، وعمل عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما على نقل الأخبار، فلا يسمع من قريش أمراً يبيّونه من المكروه لهما إلا وعاه رضي الله عنه حتى يأتيهما في المساء بخبره، ويبقى عندهما بعض الوقت، ثم يخرج من عندهما بالسّحر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائماً فيها، ومن المعلوم أن عائشة وعبد الله رضي الله عنهما لم يبلغا الحلم بعد.
وهذه شجاعة نادرة لم يقو عليها كثير من الرجال!!..
(ج) أخرج الشيخان عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: إني لواقف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما.
فغمرني أحدهما فقال: يا عماه!!. أتعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ قال: أُخبرت أنه يسبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده (أي شخصي شخصه) حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمرني الآخر فقال لي أيضاً مثلها، فلم ألبث أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس.
فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، فابتداره بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال أيكما قتله؟
قال كل منهما: أنا قتلتُه، قال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا.
قال: فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في السيفين فقال: "كلاكما قتله؟ سَلَبه[3] لمعاذ بن عمرو بن الجموح" وكانا معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح.. رضي الله عنهما.
(د) وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي: أن امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحُد السيف فلم يُطق حمله، فشدته على ساعده بسير مضفور، ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله هذا ابني يقاتل عنك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي بنيّ، احمل ها هنا، (أي اهجم ها هنا) فأصابته جراحة، فصُرع، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي بنيّ، لعلك جزعت!! قال الولد: لا يا رسول الله!!..
(هـ) وأخرج ابن سعد في طبقاته، والبزار وابن الأثير في الإصابة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت أخي عُمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يتوارى، فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيردّني، وأنا أحب الخروج لعل الله يرزقني الشهادة، قال: فعُرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّه لصغره، فبكى فأجازه عليه الصلاة والسلام.
فكان سعد رضي الله عنه يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره. فقتل وهو ابن ست عشرة سنة رضي الله عنه وأرضاه.
فيؤخذ من هذه الأمثلة التاريخية وغيرها.. أن أبناء الصحابة رضي الله عنهم، كانوا على جانب عظيم من الشجاعة الفائقة، والبطولة النادرة، والجهاد الجريء.. وما ذاك إلا بفضل التربية القويمة التي تلقوها من مدرسة النبوة، والبيت المسلم، والمجتمع المؤمن المجاهد الشجاع!!.. بل كانت الأمهات يدفعن بأولادهن غلى ساحات الفداء والجهاد.. ويوم يسمعن خبر النعي، ونبأ الاستشهاد تقول إحداهن قولتها الخالدة: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني وإياهم يوم القيامة في مقر رحمته).
وبالتالي كان الآباء يربّون أولادهم منذ الصغر على الفروسية والشجاعة والرجولة والإقدام واقتحام الأخطار والشدائد.. حتى إذا بلغوا سن الحركة والانطلاق – وهم لم يناهزوا الحلم بعد – مضوا في مواكب التحرير والجهاد وابتغاء الرزق دعاة صادقين، وأبطالا مجاهدين، وطلابا للكسب عاملين!!..
ونذكر على سبيل المثال موقفاً نبيلا لغلام مؤمن يسأل أباه أنْ يُمَكّنه ليجوبَ مناكِبَ الأرض ويسعى في أرجائها عسى أن يفتح لنفسه طريق المجد، ويصل إلى قمة السعادة والكرامة.. بل كان يخاطب أباه بأبيات من الشعر تفيض عزة وأنفة وإباء!!..
اقذف السرج على المُـــهر وقرّطه اللجاما
ثم صبّ الدرع في رأ سي وناولني الحساما
فمتى أطلب إن لم أطلب الرزق غلاما
سأجوب الأرض أبغيـــه حلالاً لا حراما
فلعل الظَّعن ينفي الفــــقْر أو يُدني الحِماما.
ونشأ هذا الجيل الفريد على هذه الخصال، ودرجوا على هذه المكارم..
لأنهم تربوا منذ نعومة أظفارهم على الرماية والسباحة وركوب الخيل..
لأنهم لم يتربوا على الدلال المفرط، والانطوائية القاتلة.
لأنهم كانوا يشعرون بمسؤولياتهم، والثقة بأنفسهم..
لأنهم تعودوا على الاخشيشان، وألعاب الفروسية، وركوب متن الأسفار..
لأنهم أُدّبوا على أن يخالطوا من كان في سنهم من أبناء عمومتهم وعشيرتهم.
لأنهم كانوا يتلقنون سيرة الأبطال والشجعان، وأخبار الفاتحين والقواد..
إلى غير ذلك من هذه المكارم التي رضعوها، والتربية القويمة التي تلقنوها!!..
وهل يُنبت الخطيَّ إلا وشيجُه وتُغرَس إلا في منابتها النخل
ويوم يمشي الآباء والمربون على هذا المنهج العظيم الذي مشى عليه جدودنا البواسل والأمجاد..
ويوم يتربى أولادنا على هذه الخصال، وهاتيك المكارم..
ويوم يأخذون بقواعد التربية الصحيحة في تحرير الأولاد من الخوف والجبن والخور..
يوم يفعلون كل هذا، يتحول الجيل يومئذ من القلق إلى الثقة، ومن الخوف إلى الشجاعة، ومن الخور إلى العزيمة، ومن الخنوع والذلّة إلى حقيقة العزة والكرامة..
ويكون متحققاً بقوله تبارك وتعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون} المنافقون: 08.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] من كتاب المشكلات السلوكية عند الأطفال للدكتور نبيه الغبرة ص 150.
[2] من كتاب المشكلات... ص 152 للدكتور نبيه الغبرة.
[3] السلب: ما يملكه المتقول كعدة للحرب ونحوها.
- منتدى وادي الطاقة 2011 ©-
elchaouia- عضو دهبي
- عدد المساهمات : 1785
نقاط : 29186
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 05/11/2011
Oued Taga - وادي الطاقة :: منتدى الأسرة و المجتمع :: منتدى المجتمع :: قسم تربية الابناء وما يخص الطفل المسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى