رمضان ...في أدرار

رمضان....وناس أدرار أ.مهدي عبدالوافي
يعد شهر رمضان المبارك مقدسا لدى سكان توات بأدرار ، وهم بذلك يصومون نهاره ويقومـــــون ليله بالصلاة والدعاء، غير ان تزامـــــــن الشهر الفضيل مع عز الصيف حيـــــــــث ترتفـع درجــة الحـــــــــرارة وتتجاوز الخمسين في الصحراء الجزائرية يجعلنا نقف على كيفيـــــة صيام سكان المنطقة هذا الشهر وفي مثل هذه الحرارة المرتفعة؟
يتزامن شهر رمضان هذا الموسم وقبله مع أحر ايام الصيف ، غير أن ذلك لا يمنع سكان توات من الاستعداد له ككل مرة غير آبهين بارتفاع درجة الحرارة فالايمان أقوى والرجاء في الفوز بمرضاة الله أكبر ، فيشرعون فـي الاستعداد منـذ شهر شعبان حيث يتـم تحضير الابناء الذين علـى وشـك الصيام لأول مرة. وهذا بصيام يوم الخامس عشـر من شعبان وهناك مـن يضيف اليوم الموالـي له ، ليعتاد الطفل نفسيا وذهنيا على الصيام، وبعد إتمامهم اليوم التجريبي بنجاح يغتســـل الطفل ويتناول وجبة خاصة وسـط فـرح العائلة وابتهاجها ببلــــــوغ ابنها أو ابنتها وهو ما يطــلق عليه محليا اســـم " تينميمان".
فقط نود الذكر أن هذه العادة المميزة لمنطقة توات بدأت تفقد بريقها في السنوات الأخيرة وبالتالي لا تستطيع التفريق بين من يصوم رمضان لأول مرة ومن سبـق له الصـوم.
نهار رمضان يبدؤه السكان باكرا بعد صلاة الفجـر سعيا لقضاء حوائجهـم في الأسواق والبساتين وفي مقرات الأعمال قبل استفحال الحـرارة ليخلدوا بعدها إلى القيلولـة من منتصف النهار أو قبله أحيانا ،حيث أن معظم البيوت مكيفة وبالتالي فالحرارة داخل المساكن لا تعد مشكلا. وأمام ضعف التيار الكهربائي وعدم قدرته تحملها طاقة المعدات الكهربائية في بعض القصـور تعاني من الانقطاعات المتكررة يلجأ الشيوخ الطاعنون في السن الى المغارات التي أنشأها السكان الأولون للقيلولة ، وهي مكيفة طبيعيا ويميزها ضيق مدخلها. حيث تتم تهيئتها من طرف الشبان قبل حلول الشهر الفضيل ، وفي هذا الإطار ندرج المبادرة التي سطرتها جمعية الأصالة وترقية السياحة بقصر مكيد بلدية زاوية كنتة ولاية أدرار المتمثلة في حملات تطوعية شبانية يطلق عليها "التويزة " بهدف إزالة الرمال من مدخل المغارة وتهيئتها وتنظيفها ليصبح الدخول إليها مشيا على الأقدام بعدما كان زحفا على الركب ، وبهذا تكون الجمعية قد ضربت عصفورين بحجر واحد فمن جهة تهيئة المغارة لشيوخ القصر الذين لا تستطيع أجسادهم ووضعهم الصحي تحمل المكيفات الهوائية ، ومن جهة أخرى أصبحت المغارة قبلة للسياح للراحة والاستجمام.
وفي المساء في انتظار أذان المغرب فبينما تحضر النسوة مائدة إفطار المغرب منذ صلاة العصر أو قبلها فان الرجال يفضلون ما تبقى من النهار الطويل في المسجد يتلوون كتاب الله بينما يفضل آخرون قتل الوقت كما يقال في البساتين حيث الخضرة أو الهواء الطلق.

نشير الى أن الأيام الثلاثة الأولى غالبا ما تشكل صعوبة لدى الصائمين في أدرار لطـول نهار رمضان وارتفاع درجة الحرارة غير أن تلك الصعوبة سرعان ما تبدأ في الزوال خلال الأسبوع الأول بعد الاعتياد عليها بفضل إرادة السكان القوية وتجلدهم وصبرهم.
ولا نكاد نسجل اختلافا في موائد الافطار اليوم لدى العائلات الأدرارية عن العائلات في باقي الوطن غير أن الميزة الأساسية هي توفر الألبان والتمور باعتبارهما منتوجين محليين ، ليهب الجميع مسرعين الى بيوت الله لصلاة المغرب وهم فرحين فرحتهم الأولى بالإفطار في انتظار الفرحة الثانية عند لقاء ربهم .أما باقي مكونات موائد إفطار المغرب الأخرى فيعتمد في تحضيرها على الأسواق، وبقدر ما تكون الأسعار غالية في الأسواق الجزائرية فإنها أكثر غلاء في أسواق أدرار.كما لايفوتنا الإشارة الى أن الحريرة " الحساء" في أدرا ر تعتبر منتوجا محليا من القمح اللين الذي يحصده فلاحوا المنطقة في موسم حصاد كل عام. ولا تخل مائدة الافطار الأدرارية من الشاي كونه المشروب الذي يفضله السكان بكثرة.
وللمساجد وقع كبير في نفوس شبان ادرار من صلاة التراويح الى الدروس الدينية قبل أن يتفرق الجمع كل الى طريقه حسب عاداته. قبل أن يخلد الجميع للنوم في انتطار تناول السحور الذي غالبا مايكون حليبا وسفة في انتظار يوم جديد.
*ومن بين مميزات الشهر الفضيل إقامة مختلف العوائل التي تشترك في لقب واحد لفطور جماعي حرصا منها على ازدياد التلاحم بينها كما تقوم عائلة عبدالوافي بقصر مكيد بلدية زاوية كنتة حيث تقيم في اليوم الموالي لليلة السابع والعشرين رمضان من كل عام مائدتي فطور وسحور جماعيا لأبناء العائلة الكبرى.
تبادل الزيارات العائلية وتنظيم مسابقات ومحاضرات تساهم بها الجمعيات النشطة على مستوى قصور ولاية أدرار.

احياءء ليلة القدر:
يحيي سكان ولاية ادرار ليلة القدر المباركة بختم القرآن "السلكة " في الليلة المباركة حيث يتنافس الشبان في امامتهم للمصلين ركعتين ركعتين يعرضون ماحفظوه من كتاب الله، وذلك منذ صلاة المغرب الى فجر اليوم الموالي ويختمها إمام المسجد بصلاة التراويح. حيث يكون الاطفال خاصة في أبهى صورهم وهم يؤمون المصلين بما حفظوه من آيات الله مايبين تشبت الآباء بتربية أبنائهم على حفظ كتاب الله عز وجل.

أ‌.